كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 2)

ظلمات بعضها فوق بعض، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور إذا أخرج يده لم يكد يراها» (¬1).

ج‍-أسلوب الحذف:
وهو نوع من أنواع الإيجاز، فالحذف إسقاط كلمة للاجتزاء عنها بدلالة غيرها من الحال أو فحوى الكلام، والفائدة منه أنه تذهب فيه النفس كل مذهب.
ومثال ذلك: ما جاء في تفسير قول الله تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران:133] إذ يقول: «أي: كعرض السماوات، وإنما حذف لعدم الإيهام». (¬2)
وكذلك في قوله تعالى: {يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ} [آل عمران:175] فيقول: «وقيل: يخوف بأوليائه». (¬3) فحذف حرف الجر.
وفي قول الله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ} [الرعد:33] يقول: «حذف جوابه اكتفاء؛ لأنه يدل على الخبر بصفته، تقديره: أفمن هذه صفته كمن ليست هذه صفته، أو: أفمن صفته خير أحقّ بأن يعبد أم من ليست هذه صفته» (¬4).
وفي قوله تعالى: {اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} [النور:35]، يقول: «وقيل: الله جاعل نور السماوات والأرض، حذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه» (¬5).

د-معاني الأمر:
تعريف الأمر: هو طلب الفعل على جهة الاستعلاء. (¬6)
وقد استطاع المؤلف أن ينظر إلى صيغة الأمر في القرآن الكريم، ويحدد مطلوبها وفق سياقها مبرزا أهم معانيها التي تدل عليها، ويقول المؤلف رحمه الله تعالى: وظاهر الأمر يقتضي الوجوب، ولكن يمكن أن يخرج الأمر إلى غير الوجوب، «ولفظ (افعل) يحتمل عشرة معان: (¬7)
1 - الإيجاب، كقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ} [البقرة:43].
2 - الإرشاد، كقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ} [البقرة:282].
3 - الإباحة، كقوله تعالى: {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة:10]. وفي قوله: {فَكُلُوا مِنْها} [الحج:36]، يقول: «أمر إباحة، وهو عام في كل بدنة. . .».
4 - الإعجاز، كقوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة:23].
¬_________
(¬1) درج الدرر 347.
(¬2) الأصل (74 و).
(¬3) الأصل (78 ظ).
(¬4) درج الدرر 83.
(¬5) درج الدرر 344.
(¬6) البلاغة فنونها وأفنانها-علم المعاني:149.
(¬7) الأصل (10 و).

الصفحة 35