كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 2)
{تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة:89]، يتحدث عن الإطعام فيقول: «وإن غدّاهم وعشاهم جاز خلافا للشافعي، وإن أطعم واحدا عشرة أيام جاز خلافا للشافعي» (¬1). فهو بهذا يأخذ بالرأي الأول المخالف للإمام الشافعي رحمه الله تعالى، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة في هذه المسألة، «عن أبي يوسف أنه قال: إذا أطعم مسكينا واحدا غداء وعشاء أجزأه من إطعام مساكين،. . .
». (¬2) وقال في المجموع: «إذا ثبت هذا فعليه أن يطعم ستين مسكينا،. . .، ولا يجوز أن ينقص من عدد المساكين ولا من ستين مدا، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: إن أعطى الطعام كله مسكينا واحدا في ستين يوما جاز،. . .» (¬3).
8 - وفي تفسيره قول الله تعالى: {يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13]، يقول: «. . فإن الشرك أخفى في هذه الأمة من أثر النملة في الصخرة الصمّاء، ولهذا كره للإمام الراكع إذا سمع خفق نعل أن ينتظره» (¬4). يقول النووي في المجموع: «فرع في انتظار الإمام وهو راكع قد ذكرنا أن الأصح عندنا استحبابه،. . .، وعن أبي حنيفة ومالك والأوزاعي وأبي يوسف والمزني وداود لا ينتظره،. . . واحتج هؤلاء بعموم الأحاديث الصحيحة في الأمر بالتخفيف، وبأن فيه تشريكا في العبادة، وبالقياس على الانتظار في غير الركوع» (¬5).
ومما سبق يتبين أن المؤلف رحمه الله تعالى يذهب مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله، وليس كما هو معروف عن الجرجاني، كما ذكر من ترجم له، أنه شافعي المذهب.
¬_________
(¬1) الأصل (98 ظ).
(¬2) بدائع الصنائع 5/ 103.
(¬3) المجموع 17/ 378.
(¬4) درج الدرر 437.
(¬5) المجموع 4/ 202، وينظر: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف 4/ 235236.