كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 2)

متصل؛ (¬1) لأنّه مستثنى من مثبت (¬2).

12 - {فَلَعَلَّكَ تارِكٌ} أي: تكاد تترك إبلاغ {بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ} على سبيل الفور.
{وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} أي: وتكاد تضيق صدرا (¬3) بهذا البعض على سبيل الضعف، وقلّة الاحتمال، دون الكراهة، وسوء الاختيار، وإنّما قال: {وَضائِقٌ} ولم يقل: وضيّق؛ للتوفيق بينه وبين قوله: {تارِكٌ،} ولنفي إيهام تحقيق الوصف في الحال. (¬4)
{أَنْ يَقُولُوا:} مخافة أو كراهة أن (¬5) يقولوا. (¬6)

13 - {اِفْتَراهُ:} الضّمير عائد إلى القرآن. (¬7) والتّحدّي بعشر سور. (¬8) وقيل: التّحدّي بسورة، وبحديث (¬9)؛ لأن الآية مكيّة، ونزول سورة هود متقدم على نزول سورة الطّور.
{مِثْلِهِ:} بدل من (عشر سور مفتريات)، ويجوز أن يكون حالا للسّور المأتيّ بها. (¬10)
ويجوز أن يكون تقديره: سور مفتريات مثله على زعمكم.

14 - {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ:} إن كان خطابا للمأمورين بدعاء من استطاعوا، (¬11) فهو كقوله: {إِنَّ (¬12)} الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ
¬_________
(¬1) الاستثناء المتصل: هو ما كان المستثنى من جنس المستثنى منه. ينظر: التبصرة والتذكرة 2/ 375، وشفاء العليل 1/ 497، وجامع الدروس العربية 3/ 127.
(¬2) ينظر: ومشكل إعراب القرآن 339، الجواهر الحسان 2/ 118، وإيجاز البيان في غريب إعراب القرآن 2/ 6، واللباب في علوم الكتاب 10/ 445.
(¬3) ك: يكاد يضيق صدرك.
(¬4) ينظر: مجمع البيان 5/ 185، والبحر المحيط 6/ 129.
(¬5) ك: أو.
(¬6) ينظر: مجمع البيان 5/ 186، والتبيان 1/ 532، واللباب في علوم الكتاب 10/ 446.
(¬7) ينظر: الوسيط 2/ 566، واللباب في علوم الكتاب 10/ 446.
(¬8) ينظر: البحر المحيط 6/ 130، واللباب في علوم الكتاب 10/ 448 - 449.
(¬9) هذا القول إشارة إلى قول الله تعالى: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ [الطور:34]، ويقول ابن عاشور: الحديث هنا أطلق على الكلام مجازا، بمعنى غرض من الأغراض التي يشتمل عليها القرآن الكريم لا خصوص الأخبار، ويجوز أن يكون الحديث هنا أطلق على الأخبار، أي: فليأتوا بأخبار مثل قصص القرآن فيكون استنزالا لهم، فإن التكلم بالأخبار أسهل عليهم من ابتكار الأغراض التي يتكلم فيها، فإن كان القرآن كما يقولون: أخبار الماضين، فليأتوا بأخبار مثل أخباره؛ لأن الإتيان بمثل ما في القرآن من المعارف والشرائع لا قبل لهم به، وقصارى عقولهم أن تفهمه إذا سمعوه. ينظر: تفسير التحرير والتنوير 13/ 66، وينظر: ابن عطية 14/ 69 - 70.
(¬10) ينظر: اللباب في علوم الكتاب 10/ 448.
(¬11) ينظر: البحر المحيط 6/ 448.
(¬12) ليس في ك، وبعدها: يدعون، بدل (تدعون).

الصفحة 97