كتاب ديوان لبيد بن ربيعة العامري

إنّا إذا التقتِ المجَامِعُ لم يَزَلْ ... منّا لِزَازُ عظيمةٍ جَشّامُها (¬1)
وَمُقَسِّمٌ يُعْطِي العشيرةَ حَقَّهَا ... وَمُغَذْمِرٌ لحقوقِها هَضَّامُها (¬2)
فَضْلاً، وذو كَرِمٍ يُعينُ على النَّدى ... سَمْحٌ كَسُوبُ رَغَاِئبٍ غَنّامُهَا (¬3)
مِنْ مَعْشَرٍ سنَّتْ لهمْ آباؤهُمْ ... ولكلِّ قومٍ سُنَّة ٌ وإمامُهَا (¬4)
لا يَطْبَعُونَ ولا يَبُورُ فَعَالُهُمْ ... إذ لا يميلُ معَ الهَوى أحلامُها (¬5)
فاقْنَعْ بما قَسَمَ المليكُ فإنّمَا ... قَسَمَ الخَلائقَ بينَنا عَلاَّمُها (¬6)
وإذا الأمانةُ قُسِّمَتْ في مَعْشَرٍ ... أوْفَى بأوْفَرِ حَظِّنَا قَسّامُهَا (¬7)
فبنى لنا بيتاً رفيعاً سَمْكُهُ ... فَسَما إليه كَهْلُهَا وَغُلامُها (¬8)
وَهُمُ السُّعَاةُ إذا العشيرةُ أُفْظِعَتْ ... وَهُمُ فوارِسُهَا وَهُمْ حُكّامُها (¬9)
وهمُ رَبيعٌ للمُجَاورِ فيهمُ ... والمرملاتِ إذا تَطَاوَلَ عَامُها (¬10)
وَهُمُ العَشيرةُ أنْ يُبَطِّئَ حاسدٌ ... أو أن يميلَ [معَ العدوِّ لئامُها] (¬11)
¬__________
(¬1) لزاز: أي يلزّ بها وهو مطين لها. الجشام: المتكلّف للأمور.
(¬2) المغذمر: الذي يضرب بعض حقوق الناس في بعض. الهضان: الذي يكسر من مال للآخرين.
(¬3) فضلاً: أي رغبة في الفضل. سمح: سهل. الرغائب: الكثير من المال.
(¬4) الإمام: المثال.
(¬5) يطبعون: أي تدنس أعراضهم. يبور: يهلك ويكسد.
(¬6) الخلائق: الطبائع. العلّام: اسم من أسماء الله جل وعلا الحسنى.
(¬7) أوفى: أي ارتفع.
(¬8) السَّمْك: الارتفاع والعلو، وهنا بمعنى الشرف.
(¬9) أُفظِعت: أي حلّ بها أمر فظيع. السعاة: الساعون في الصلح وحمل الديّات.
(¬10) المرملات: هن اللواتي لا أزواج لهن.
(¬11) أن يبطئ: أي مِنْ أنْ يبطئ. وما بين قوسين يروى بلفظ: [العدى لوامها].

الصفحة 116