كتاب ديوان لبيد بن ربيعة العامري

فَأوْرَدَها مَسْجُورَةً تَحْتَ غَابةٍ ... من القُرْنَتَيْنِ وَاتلأبَّ يَحُومُ (¬1)
فلَم تَرْضَ ضَحْلَ الماءِ حتّى تَمَهَّرَتْ ... وِشَاحٌ لها مِنْ عَرْمَضٍ وَبَريمُ (¬2)
شَفى النَّفْسَ ما خُبِّرتُ مَرَّانُ أزْهفَتْ ... ومَا لَقِيَتْ يَوْمَ النُّخَيْل حَريمُ (¬3)
قَبائلُ جُعْفِيِّ بن سَعْدٍ كأنّمَا ... سَقَى جَمْعَهُم ماءَ الزُّعَافِ مُنيمُ (¬4)
تَلافَتْهُمُ من آلِ كَعْبٍ عِصَابَةٌ ... لها مَأْقِطٌ يَوْمَ الحِفَاظِ كريمُ (¬5)
فتلكمْ بتلكمْ، غيرَ فَخْرٍ عَلَيكمُ ... وبيتٌ على الأفْلاجِ ثمَّ مُقِيمُ (¬6)

فلا وأبيك ما حَيٌّ كَحَيٍّ [الوافر]
وقال لبيد يفتخر ويذكر مبلغ سخائه وسخاء قومه:
رَأتْنِي قَدْ شَحَبْتُ وَسَلَّ جسمي ... طِلاَبُ النازحاتِ مِنَ الهمومِ
وكَم لاقيتُ بَعْدَكِ مِنْ أُمورٍ ... وَأهوالٍ أشُدُّ لها حَزِيمي (¬7)
أُكَلِّفُها وَتَعْلَمُ أنّ هَوْئِي ... يُسَارِعُ فِي بُنَى الأمْر الجسيمِ (¬8)
وخَصْمٍ قَدْ أقَمْتُ الدَّرْءَ مِنْهُ ... بلا نَزِقِ الخِصَامِ ولا سَؤومِ (¬9)
¬__________
(¬1) المسجورة: هي العين المملوءة. القرنتان: اسم لموضع. اتلأب: أقام صدره وعنقه.
(¬2) تمهّرت: أي سبحت. تغمّرت: أي شربت قليلاً منه. العرمض: الطحلب. البريم: موضع الحقاب من المرأة.
(¬3) أزهفت: أي قتلت وصرعت. مرّان وحريم: قبيلتان.
(¬4) الزعاف: القتل. منيم: أي مهلك.
(¬5) تلافتهم: أي تداركتهم. المأقط: الموضع الذي جرت فيه الوقعة.
(¬6) البيت: كناية عن القبر. الأفلاج: جمع: فلج، وهو النهر.
(¬7) الحزيم: الصدر.
(¬8) الهوء: الهمّة.
(¬9) الدرء: الاعوجاج. نزق: خفيف.

الصفحة 118