كتاب ديوان لبيد بن ربيعة العامري

ويَوْمَ ظَعَنتمْ فاصْمعَدّتْ وفُودُكُمْ ... بأجْمادِ فاثُورٍ كَريمٌ مُصَابِرُ (¬1)
ويَوْمَ مَنَعْتُ الحَيَّ أنْ يَتَفَرَّقُوا ... بنَجرانَ، فَقْري ذلك اليوْمَ فاقِرُ (¬2)
وَيَوْماً بصَحراءِ الغَبيطِ وَشاهِدي الـ ... ـمُلُوكُ وأرْدافُ المُلوكِ العَراعِرُ (¬3)
وفي كلِّ يومٍ ذي حفاظٍ بَلَوتَني ... فقُمتُ مَقاماً لم تَقُمْهُ العَواوِرُ (¬4)
ليَ النَّصرُ مِنْهُمْ والوَلاءُ عَلَيكُمُ ... وما كنتُ فَقْعاً أنْبَتَتْهُ القَرَاقِرُ (¬5)
وأنتَ فَقيرٌ لمْ تُبَدَّلْ خَلِيفَة ً ... سِوايَ، وَلمْ يَلْحَقْ بَنُوكَ الأصاغرُ (¬6)
فقُلتُ ازدَجِرْ أحْناءَ طَيرِكَ واعلمنْ ... بأنّكَ إنْ قَدَّمْتَ رِجْلَكَ عاثِرُ (¬7)
وإنَّ هوانَ الجَارِ للجَارِ مُؤلِمٌ ... وفاقرة ٌ تأوي إليْها الفَوَاقِرُ (¬8)
فأصْبَحْتَ أنَّى تأتِها تَبْتَئِسْ بِها ... كلا مَرْكَبَيْها تحتَ رِجليكَ شاجِرُ
فإنْ تَتَقَدَّمْ تَغْشَ منها مُقَدَّماً ... عَظيماً وإنْ أخّرتَ فالكِفلُ فاجِرُ
وما يكُ منْ شيءٍ فقدْ رُعتَ رَوْعة ً ... أبا مالِكٍ تَبيَضُّ مِنها الغَدائِرُ (¬9)
فلَوْ كانَ مَوْلايَ أمرَأً ذا حَفِيظَةٍ ... إذاً زَفَّ راعي البَهْمِ والبَهمُ نافِرُ (¬10)
¬__________
(¬1) اصمعدت: أي أمعنت في الذهاب. أجماد: آكام. فاثور: اسم موضع.
(¬2) الفقر: الحز. فاقر: أي عميق.
(¬3) الغبيط: اسم لوادٍ سُمِّيت به الصحراء. الأرداف: جمع: ردف، وهو الجالس عن يمين الملك وبشرب بعده ويقوم مقامه إذا غاب.
(¬4) العواور: حمع: عوار، وهو الرجل الجبان المتخاذل.
(¬5) الفقع: ضرب من الكمأة. القرقر: الأرض المستوية.
(¬6) فقير: أي محتاج إليّ. لم يلحقك بنوك: أي لم يكبروا.
(¬7) أحناء: جمع: حنو، وهو الجانب.
(¬8) الفاقرة: الداهية التي تكسر فقرات الظهر. تأوي إليها: أي تجتمع وتنضم إليها.
(¬9) الغدائر: جمع غديرة، وهي ضفيرة الشعر.
(¬10) المولى: هنا الحليف. ذا حفيظة: أي ذا منعة. زف: أي أسرع في مشيه.

الصفحة 43