كتاب ديوان لبيد بن ربيعة العامري

وَلا الأحْوَصينِ في لَيالٍ تَتابعَا ... وَلا صاحبِ البَّراضِ غيرِ المُغَمَّرِ
وَلا مِنْ رَبيعِ المُقْتِرينَ رُزِئْتُهُ ... بذي عَلَقٍ فاقْنَيْ حَيَاءَكِ واصْبِرِي (¬1)
وقَيسِ بنِ جَزْءٍ يَوْمَ نادى صِحابَهُ ... فَعَاجُوا عَلَيهِ من سَوَاهمَ ضُمَّرِ (¬2)
طَوَتْهُ المَنَايَا فَوْقَ جَرْدَاءَ شَطْبَةٍ ... تَدِفُّ دَفيفَ الرَّائحِ المُتَمَطِّرِ (¬3)
فباتَ وَأسْرَى القَوْمُ آخِرَ لَيلِهِمْ ... وما كانَ وقّافاً [بِدارِ] مُعَصَّرِ (¬4)
وبالفُورَة ِ الحَرَّابُ ذو الفَضْلِ عامِرٌ ... فَنِعْمَ ضِياءُ الطّارِقِ المُتَنَوِّرِ (¬5)
ونِعْمَ مُنَاخُ الجارِ حَلَّ بِبَيْتِهِ ... إذا ما الكَعَابُ أصبحتْ لم تَسَتَّرِ
ومَنْ كانَ أهلَ الجودِ والحزْمِ والندى ... عُبَيْدَة ُ والحامي لَدَى كلِّ محْجَرِ
وَسَلْمَى، وسَلمَى أهلُ جودٍ ونائلٍ ... متى يَدْعُ مَوْلَاهُ إلى النّصرِ يُنْصَرِ
وبَيْتُ طُفَيْلٍ بالجُنَيْنَة ِ ثاوِياً ... وبَيتُ سُهَيْلٍ قد علِمتِ بصَوْءَرِ (¬6)
فلَمْ أَرَ يَوْماً كانَ أكْثَرَ باكِياً ... وحَسْنَاءَ قامتْ عن طِرافٍ مُجَوَّرِ (¬7)
تَبُلُّ خُمُوشَ الوَجهِ كلُّ كريمَةٍ ... عَوانٍ وبِكْرٍ تَحْتَ قَرٍّ مُخَدَّرِ (¬8)
¬__________
(¬1) أقني: أي افظي وارعَيْ.
(¬2) قيس بن جزء: والد أربد أخي لبيد شاعرنا لأمه، وقد خرج غازياً فظفر، فلما قفل عائداً مات على ظهر فرسه. السواهم: جمع: ساهمة، وهي الفرس المتعبة.
(¬3) شطبة: هي الفرس الطويلة. تدف: أي تطير. الرائح: هو الطير الذي يغادر موضعه. المتمطر: الذي يسرع في عَدْوه هرباً من المطر.
(¬4) المعصر: الملجأ والحزر. وما بين قوسين يروى بلفظ: [بغير].
(¬5) الطارق: الزائر ليلاً. المتنوّر: هو الذي ينظر إلى النار من بعيد فيأتيها.
(¬6) البيت: هنا بمعنى القبر. الجنينة: مصغر الجنة وهي الروضة.
(¬7) الطراف: كل بيت مصنوع من أدم. المجور: هو المقوض الساقط.
(¬8) خموش: أي خدوش. عوان: المرأة المتزوجة. القر: الهودج. المخدر: المستور بالثياب.

الصفحة 45