كتاب ديوان لبيد بن ربيعة العامري

متى الفتى يذوق المنايا؟ [الطويل]
وقال يرثي أربداً أخاه:
بَلِينا ومَا تَبلَى النّجومُ الطَّوالِعُ ... وتَبْقَى الجِبالُ بَعْدَنَا والمَصانِعُ (¬1)
وَقَد كنتُ في أكنافِ جارِ مَضِنّةٍ ... فَفارَقَني جارٌ بأرْبَدَ نَافِعُ (¬2)
فَلا جَزِعٌ إنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا ... وكُلُّ فَتى ً يَوْمَاً بهِ الدَّهْرُ فاجِعُ (¬3)
فَلا أنَا يأتيني طَريفٌ بِفَرْحَةٍ ... وَلا أنا مِمّا أحدَثَ الدَّهرُ جازِعُ (¬4)
ومَا النّاسُ إلاّ كالدّيارِ وأهْلها ... بِها يَوْمَ حَلُّوها وغَدْواً بَلاقِعُ (¬5)
ومَا المَرْءُ إلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ ... يَحُورُ رَماداً بَعْدَ إذْ هُوَ سَاطِعُ (¬6)
ومَا البِرُّ إلاَّ مُضْمَراتٌ منَ التُّقَى ... وَما المَالُ إلاَّ مُعْمَراتٌ وَدائِعُ (¬7)
ومَا المالُ والأهْلُونَ إلاَّ وَديعَة ٌ ... وَلابُدَّ يَوْماً أنْ تُرَدَّ الوَدائِعُ
وَيَمْضُون أرْسَالاً ونَخْلُفُ بَعدهم ... كما ضَمَّ أُخرَى التّالياتِ المُشايِعُ
ومَا النّاسُ إلاَّ عامِلانِ: فَعامِلٌ ... يتبِّرُ ما يَبْني، وآخَرُ رافِعُ (¬8)
فَمِنْهُمْ سَعيدٌ آخِذٌ لنَصِيبِهِ ... وَمِنْهُمْ شَقيٌّ بالمَعيشَة ِ قانِعُ
¬__________
(¬1) المصانع: القصور.
(¬2) مضنة: أي يُضَن به.
(¬3) الجزع: الخوار لدى المصيبة.
(¬4) الطارف: المال المستطرف أي الجديد، والماجد أيضاً.
(¬5) بلاقع: أي قفار.
(¬6) يحور: أي يصير. ساطع: أي مشتعل.
(¬7) المعمر: الموضوع وديعة.
(¬8) يتبر: يهلك ويخسر. رافع: الذي يشيد ويبني.

الصفحة 56