كتاب ديوان لبيد بن ربيعة العامري

أَليْسَ وَرائي، إنْ تَرَاخَتْ مَنيّتي، ... لُزُومُ العَصَا تُحْنَى علَيها الأصابعُ (¬1)
أُخَبّرُ أخْبارَ القُرُونِ التي مَضَتْ ... أدِبٌ كأنّي كُلّما قُمتُ راكعُ (¬2)
فأصْبَحْتُ مثلَ السَّيفِ [غَيَّرَ] جَفنَهُ ... تَقَادُمُ عَهْدِ القَينِ والنَّصْلُ قاطعُ (¬3)
فَلا تَبْعَدَنْ إنَّ المَنيَةَ مَوْعِدٌ ... عَلَيْكَ فَدَانٍ للطُّلُوعِ وطالِعُ (¬4)
أعاذِلَ ما يُدريكِ، إلاَّ تَظَنِّياً، ... إذا ارْتَحَلَ الفِتْيَانُ مَنْ هوَ راجعُ (¬5)
تُبَكِّي على إثرِ الشّبابِ الذي مَضَى ... ألا إنَّ أخْدانَ الشّبابِ الرَّعارِعُ (¬6)
أتَجْزَعُ مِمّا أحْدَثَ الدَّهرُ بالفَتى ... وأيُّ كَريمٍ لمْ تُصِبْهُ القَوَارِعُ (¬7)
لَعَمْرُكَ ما تَدري الضَّوَارِبُ بالحصَى ... وَلا زاجِراتُ الطّيرِ ما اللّهُ صانِعُ
سَلُوهُنَّ إنْ كَذَّبْتُموني متى الفتى ... يَذُوقُ المَنَايا أوْ متى الغَيثُ واقِعُ

إني رأيتُه بصيراً [الطويل]
وقال يرثيه أيضاً:
يا مَيَّ قُومي في المَآتِمِ وَانْدُبي ... فتىً كانَ ممّن يَبتني المَجدَ أرْوَعَا (¬8)
¬__________
(¬1) ورائي: أمامي. تراخن: أبطأت وتباعدت.
(¬2) راكع: بسبب الانحناء لكبر السنّ.
(¬3) الجفن: الغمد. القين: الحداد. وما بين قوسين يروى بلفظ: [أخلق].
(¬4) دان للطلوع: أي قريب الأجل.
(¬5) التظني: والظن والتخمين.
(¬6) أخدان: جمع: خدن وهو الأخ. الرعارع: هي الأحداث.
(¬7) القوارع: جمع: قارعة وهي الداهية المصيبة.
(¬8) الأروع: الشجاع الشهم.

الصفحة 57