كتاب ديوان لبيد بن ربيعة العامري

فَقُولا لَهُ إنْ كانَ يَقْسِمُ أمْرَهُ ... ألَمّا يَعِظْكَ الدَّهرُ، أُمُّكَ هابلُ (¬1)
فتَعْلمَ أنْ لا أنتَ مُدْرِكُ ما مضَى ... وَلا أنتَ ممّا تَحذَرُ النّفسُ وَائِلُ
فإنْ أنتَ لم تَصْدُقْكَ نَفسُكَ فانتسبْ ... لَعَلَّكَ تهديكَ القُرُونُ الأوائِلُ (¬2)
فإنْ لم تَجِدْ مِنْ دونِ عَدْنانَ باقياً ... ودونَ مَعَدٍّ فَلْتَزَعْكَ العَوَاذِلُ (¬3)
أرَى النَّاسَ لَا يَدرُونَ ما قَدرُ أمرِهمْ ... بلى: كلُّ ذي لُبٍّ إلى اللّهِ وَاسِلُ (¬4)
ألا كُلُّ شيءٍ ما خَلا اللّهُ باطِلُ ... وكلُّ نعيمٍ لا مَحالة َ زائِلُ
وكلُّ أُنَاسٍ سوْفَ تَدخُلُ بَينَهُمْ ... دُوَيْهية ٌ تَصفَرُّ مِنها الأنَامِلُ
وكلُّ امرىء ٍ يَوْماً سَيَعْلَمُ سَعْيَهُ ... إذا كُشِّفَتْ عندَ الإلَهِ المَحاصِلُ
ليَبْكِ على النّعْمانِ شَرْبٌ وقَيْنَة ٌ ... ومُخْتَبِطاتٌ كالسَّعالي أرامِلُ (¬5)
لهُ المُلْكُ في ضاحي مَعَدٍّ وأسلَمَتْ ... إلَيهِ العِبادُ كُلُّها ما يُحاوِلُ (¬6)
إذا مَسَّ أسْآرَ الطُّيورِ صَفَتْ لَهُ ... مُشَعْشَعَة ٌ مِمّا تُعتِّقُ بابِلُ (¬7)
عتيقُ سُلافاتٍ سَبَتْها سَفِينَة ٌ ... تَكُرُّ عَلَيْها بالمزاجِ النَّياطِلُ
بأشْهَبَ مِنْ أبكارِ مُزْنِ سَحابَةٍ ... وَأرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النّحْلَ عاسِلُ (¬8)
¬__________
(¬1) يقسم: أي يقدر ويتدبر. هابل: أي ثكلى.
(¬2) انتسب: أي ذكر نسبه.
(¬3) تزع: تكفّ. العواذل: هنا بمعنى نوائب الدهر.
(¬4) الواسل: الذي يتّخذ وسيلة.
(¬5) المختبطات: هن اللواتي يسألن معروفاً. السعالي: جمع: سعلاة، وقيل: هي الغول. الأرامل: هن الجياع المحاويج.
(¬6) العباد: قبائل بالحيرة.
(¬7) أسآر: جمع: سؤر، وهو البقية من الشيء ومنه الحديث الشريف سُؤر المؤمن شفاء.
(¬8) الأشهب: الأبيض. الأري: العسل. الدبور: النحل. شاره: أي جناه.

الصفحة 85