وغرق المال، فادع الله لنا. فرفع يديه وقال: "اللهم حوالينا ولا علينا" فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجوبة (¬١)، وسال الوادي وادي قناة (¬٢) شهراً، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود" (¬٣).
ومن الآيات الكونية التي أخبر - صلى الله عليه وسلم - بأنها ستقع، ووقعت كما أخبر: "إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن ظهور نار في أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى (¬٤)،
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى" (¬٥). فقد خرجت هذه النار (¬٦) في جمادى الآخرة سنة ٦٥٤ هـ شرقي المدينة فأقامت نحواً من شهر وملأت تلك الأودية وشاهد الناس أعناق الإبل ببصرى" (¬٧).
قال ابن تيمية - رحمه الله -: " وهذه النار كانت تحرق الحجر" (¬٨).
---------------
(¬١) الجوبة: بفتح الجيم ثم الموحدة، وهي الحفرة المستديرة الواسعة، والمراد بها هنا الفرجة في السحاب. فتح الباري: ٢/ ٥٠٦.
(¬٢) قناة: بفتح القاف والنون الخفيفة علم على أرض ذات مزارع بناحية أحد، وواديها أحد أودية المدينة المشهورة. فتح الباري: ٢/ ٥٠٦.
(¬٣) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة: ١٨٦ برقم (٩٣٣).
(¬٤) بصرى: بضم الباء مدينة معروفة بالشام، وهي مدينة حوران، بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل، ١٤٠ كم.
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم: ١٨/ ٣٠، وبلدان الخلافة الشرقية لكي لسترنج، ترجمة بشير فرنيس وكوركس عواد، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط ٢: ٧٢.
(¬٥) صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز: ٤/ ٢٢٢٧ برقم (٢٩٠٢).
(¬٦) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم: ١٨/ ٢٨، والبداية والنهاية لابن كثير: ١٧/ ٣٢٨.
(¬٧) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين: ٥/ ٣١٤.
(¬٨) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: ٢/ ٩٦.