كتاب الدلالات العقدية للآيات الكونية

ومع هذا كله فقد أخبر الله - عز وجل - عن غفلة أكثر الناس عن التفكر في آياته، ودلائل توحيده كما قال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} (¬١).
قال ابن جرير (¬٢)
- رحمه الله -: " يقول -جل وعز-: وكم من آية في السماوات والأرض لله، وعبرةٍ وحجةٍ، وذلك كالشمس والقمر والنجوم ونحو ذلك من آيات السماوات، وكالجبال والبحار والنبات والأشجار وغير ذلك من آيات الأرض، {يَمُرُّونَ عَلَيْهَا}، يقول: يعاينونها فيمرُّون بها معرضين عنها لا يعتبرون بها، ولا يفكرون فيها وفيما دلت عليه من توحيد ربها، وأن الأولوهة لا تنبغي إلا للواحد القهار الذي خلقها وخلق كلَّ شيء فدبَّرها" (¬٣).
وقال تعالى في ذم الغافلين عن آيات الله: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (٧) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (¬٤).
قال ابن كثير - رحمه الله -: " يقول الله تعالى مخبرًا عن حال الأشقياء الذين كفروا بلقاء الله يوم القيامة ولا يرجون في لقائه شيئا، ورضوا بهذه الحياة الدنيا واطمأنت إليها نفوسهم.
---------------
(¬١) يوسف: ١٠٥.
(¬٢) هو أبو جعفر محمد بن يزيد بن كثير الطبري، الإمام المفسر، أحد أعلام السلف، من مؤلفاته: جامع البيان في تأويل آي القرآن، وتاريخ الأمم والملوك، وصريح السنة، وغيرها، توفي سنة ٣١٠.

انظر: سير أعلام النبلاء: ١٤/ ٢٦٧، شذرات الذهب: ٢/ ٢٦٠.
(¬٣) تفسير الطبري: ١٣/ ٩٢.
(¬٤) يونس: ٧ - ٨.

الصفحة 60