كتاب الدين المعاملة

{الْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (النور: 22) قال الصديق: (بلى، والله إني لأحب أن يغفر الله لي)، فرجع إلى مِسطحٍ بالنفقة التي كان ينفق عليه (¬1).
وبمثل هذا الأدب النبوي صنعت ابنته الصديقة عائشة رضي الله عنها مع حسان بن ثابت - رضي الله عنه -، فرغم خوضه في الإفك؛ لم تنس الصديقة له سابقته ولا تناست حسن صحبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - وبلائه في الذبِّ عن الإسلام، فقد سمعت عروة ابن أختها ينال من حسان، فقالت: (يا ابن أختي دعه، فإنه كان ينافح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (¬2).
وفي رواية أن عروة قال: (كانت عائشة تكره أن يُسب عندها حسان، وتقول: إنه الذي قال:
فإن أبي ووالدَه وعِرضي ... لعِرض محمدٍ منكم وِفاء) (¬3).
وهذا الأدب في الغض عن إساءات المحسنين تعلمه الصديق وابنته من النبي الأسوة - صلى الله عليه وسلم -، فقد سمعته عائشة رضي الله عنها يقول: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتِهم؛ إلا الحدود» (¬4).
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري ح (4141)، ومسلم ح (2770).
(¬2) أخرجه مسلم ح (2487)، ونحوه في البخاري ح (4146).
(¬3) أخرجه البخاري ح (4141).
(¬4) أخرجه أبو داود ح (4375)، وأحمد ح (24946).

الصفحة 131