والمعنى أن أحد الأمرين واقعٌ ألبتة: إما الانتهاءُ عن الافتخار، أو كونُهم أذلَّ عند الله تعالى من الجعلان الموصوفة" (¬1).
ولما كان الفخر بالأنساب عملاً من أعمال الجاهلية؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فتئ يحذر منه، ويربي أصحابه: «إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا؛ حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخرْ أحد على أحد» (¬2).
ولما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضَ التفاخرِ بالنسب بين أصحابه؛ سارع إلى تقويمهم، ومن ذلك خبرُ سعدِ بنِ أبي وقاص الزهري، الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخصه بمزيد محبة، لأنه من بني زهرة أهل أمِِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان - صلى الله عليه وسلم - يقول لأصحابه عن سعد متحبباً: «هذا خالي، فليُرِني امرؤ خالَه» (¬3).
لكن سعداً حين سمع - رضي الله عنه - النبي يقول فيه ذلك؛ ظن أن له فضلاً على غيره، فنبهه - صلى الله عليه وسلم - على خطئه، وبين له فضل الضعفاء ومنزلَتهم عند الله بقوله الذي يرويه لنا مصعبُ بنُ سعد بنِ
¬__________
(¬1) عون المعبود (14/ 17).
(¬2) أخرجه مسلم ح (2865).
(¬3) أخرجه الترمذي ح (2752).