كتاب الدين المعاملة

فتنحى الرجل، فجعل يبكي ويشهق لما يعلم من حاله مع مملوكيه وما ينتظره بين يدي الله الديان يوم القيامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما تقرأ كتاب الله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (الأنبياء: 47)»، فقال الرجل: والله يا رسول الله ما أجد لي ولهؤلاء شيئاً خيراً من مفارقتهم، أشهدكم أنهم أحرار كلهُم (¬1).
وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر من سوء المعاملة أبلغ تحذير وأشده حين قال: «لا يدخل الجنة سيئ الملَكة» (¬2)، والمراد سيء المعاملة مع العبيد والخدم، ويقاس عليه الخدم وغيرهم.
وفي رواية لابن ماجه زاد فيها: «فأكرموهم ككرامة أولادكم، وأطعموهم مما تأكلون» (¬3).
وهكذا فالله يحسِب لنا وعلينا معاملتنا مع أولئك المساكين الذين يقومون بخدمتنا، والعاقل يضِنُّ بآخرته أن يفسدها معاملتُه لمثل هؤلاء الذين لا تلائمه طباعهُم، فالأفضل
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد ح (25865)، والترمذي ح (3165).
(¬2) أخرجه أحمد ح (32).
(¬3) أخرجه ابن ماجه ح (3691)، وفيه ضعف.

الصفحة 40