كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)

فكل من الإيمان والإسلام المنجيين لا ينفك عن الآخر. وكل مؤمن مسلم وكلم مسلم مؤمن، لأن المصدق ذلك التصديق للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لابد أن يكون خاضعنا لما جاء به صلى الله عليه وعلى آله وسلم. والخاضع هذا الخضوع لابد أن يكون مصدقا ذلك التصديق.
هذا. وقوام الدين ثلاثة الإسلام والإيمان والإحسان. وقد بينها النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فى حديث عمر رضى الله عنه قال: " بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخديه وقال: يا محمد أخبرنى عن الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت أن استطعت إليه سبيلا. قال: دقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرنى عن الإيمان. قال: أ، تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فان لم تكن تراه فانه يراك. قال: فأخبرنى عن ساعة. قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرنى عن إماراتها. قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون فى البنيان. ثم انطلق. فلبثت مليا، ثم قال: يا عمر أتدرى من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فانه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم. أخرجه أحمد والخمسة إلا البخارى (¬1) {9}.
¬_________
(¬1) ص 62 ج 1 - الفتح الربانى. وص 13 ج 1 تيسير الوصول (حقيقة الايمان =
وإن كنت على نهر جار. أخرجه أحمد وابن ماجه. وفي سنده ابن لهيعة وهو ضعيف، لكن قال في المرقاة: سنده حسن (¬1) [215].
(ولحديث) عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "عبد الله بن عمرو" قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسأله عن الوضوء. فأراه ثلاثا ثلاثا وقال: هذا الوضوء، من زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم. أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة من طرق صحيحة. وصححه ابن خزيمة وغيره. أخرجه أبو داود بلفظ "فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم (¬2) [216].
(ففيه) دلالة على أن الزيادة في الغسل عن الثلاث اعتداء وفاعله مسيء بتركه المطلوب، ومتعد حد السنة، وظالم بوضع الشيء في غير موضعه ولا خلاف في كراهته (قال) ابن المبارك: لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم (وقال) أحمد وإسحاق: لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلي (¬3).
(ومنها) التقتير في الماء: وهو ترك المسنون في الغسل، فلو اقتصر على ما دون الثلاث، قيل يأثم أن اعتاد ذلك. وقيل يأثم مطلقا، لما تقدم في رواية أبي داود من قوله عليه الصلاة والسلام: من زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم. وقيل لا يأثم لما تقدم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
¬_________
(¬1) انظر ص 3 ج 2 الفتح الرباني. وص 84 ج 1 - ابن ماجه (القصد في الوضوء) و (السرف) بفتحتين، التجاوز عن الحد في الماء وغيره.
(¬2) انظر ص 50 ج 2 - الفتح الرباني. وص 84 ج 1 - ابن ماجه (القصد في الوضوء) وص 72 ج 2 - المنهل العذب (الوضوء ثلاثا ثلاثا).
(¬3) انظر ص 216 ج 1 نيل الأوطار (كراهة ما جاوز الثلاث).

الصفحة 11