كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)

له بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسنكك الجنة. اشفع لنا الى ربك. ألا ترى الى ما نحن فيه وما بلغنا؟ فيقول آدم عليه السلام: ان ربى غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله (¬1). وأنه نهانى عن الشجرة فعصيته (¬2) نفسى نفسى نفسى، اذهبوا الى غيرى، اذهبوا الى نوح. فيأتون نوحا عليه السلام فيقولون: يا نوح انت اول الرسل الى أهل الأرض، وقد سماك الله عبد شكورا (¬3)،
اشفع لنا الى ربك، ألا ترى الى ما نحن فيه؟ فيقول: ان ربى غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وانى قد كانت لى دعوة دعوتها على قومى (¬4) نفسى نفسى نفسى، اذهبوا الى غيرى اذهبوا الى ابراهيم عليه السلام. فيأتون ابراهيم عليه السلام فيقولون: أنت نبى الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا الى ربك، ألا ترى الى ما نحن فيه؟ فيقول: ان ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله. وانى قد كنت كذبت ثلاث كذبات (¬5) فذكرها، نفسى نفسى نفسى،
¬_________
(¬1) (من روحه) الإضافة لتعظيم المضاف أى أن الله تعالى نفخ فى آدم روحا خلقها بلا أب ولا أم. والمراد بغضب الله تعالى لازمة وهو إيصال العقوبة إلى المستحق.
(¬2) " فعصيته " تقدم أن مثل هذا مخالفة وقعت قبل النبوة سهوا. قال الله تعالى (فنسى ولم نجد له عزما) غير أن الأمر عظم لدية نظرا لعلو فعد نفسه عاصيا من باب " حسنات الأبرار سيئات المقربين ". فالعصيات صورى لا حقيقى لأن العصيان ملابسة الكبيرة قصدا والقصد هنا منتف لقوله " فنسى ".
(¬3) قال الله تعالى (ذرية من حملنا مع نوح انه كان عبدا شكورا) آية 3 .. الإسراء ..
(¬4) يرد أن له دعوة واحدة محققة الاجابة وقد استوفاها بدعائه على قومه فى الدنيا بقوله (رب لاتذر على الأرض من الكافرين ديارا) أى (أحدا) بعض آية 26 - نوح.
(¬5) كذبات: اى فى الصورة لا فى الحقيقة لتنزه الرسل عن الكذب والمخلفات، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: أنى سقيم، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا، وقوله فى شأن سارة: هى أختى، وهى من المعاريض. والمعاريض ذكر لفظ يفهم منه السامع خلاف ما يريده المتكلم.

الصفحة 117