كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)
اذهبوا الى غيرى، اذهبوا الى موسى عليه السلام. فيأتون موسى عليه السلام فيقولون أنت رسول الله، فضلك برسالته وبكلامه على الناس (¬1) اشفع لنا الى ربك، ألا ترى الى ما نحن فيه؟ فيقول: ان ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله. وانى قتلت نفسا (¬2) لم أومر بقتلها نفسى نفسى نفسى، اذهبوا الى غيرى، اذهبوا الى عيسى عليه السلام.
فيأتون عيسى عليه السلام فيقولون: أنت رسول الله وكلمته ألقاها الى مريم وروح منه، وكلمت الناس فى المهد (¬3) اشفع لنا الى ربك، ألا ترى الى ما نحن فيه؟ فيقول: ان ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله. (ولم يذكر ذنبا) (¬4) نفسى نفسى نفسى، اذهبوا الى غيرى، أذهبوا الى محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فيأتوننى فيقولون: أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر (¬5)، اشفع لنا الى ربك، ألا ترى الى ما نحن فيه؟ فأنطلق الى تحت العرش فأقع ساجدا لربى، ثم يفتح الله على من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلى. ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك وسل تعطه، وأشفع تشفع، فأرفع رأسى فأقول: أمتى يارب،
¬_________
(¬1) (على الناس) أى أهل زمانه (والكليم) وصف غالب عليه كالحبيب لنبينا صلى الله عليه وسلم وان شارك الكليم فى التكليم والخليل فى الخلة على وجه أكمل وأعلى.
(¬2) (قتلت) قال تعالى فى آية 15 - القصص " فوكزه موسى فقضى عليه " استعظمه لكونه لم يؤمر به ومثله لا يقدح فى العصمة لأنه خطأ.
(¬3) (وكلمته): اى وجد عيسى عليه السلام بقوله تعالى " كن " لا بتوسط ما يجرى مجرى الزوجين، وسمى روحا لأنه حدث عن نفخة جبريل فى درع مريم بأمر الله تعالى.
(¬4) (ولم يذكر ذنبا) فى رواية احمد والنسائى. أنى اتخذت الها من دون الله. " اتخذت " مبنى للمجهول.
(¬5) المراد بالذنب: ما فرط من خلاف الأولى بالنسبة إلى مقامه صلى الله عليه وسلم وليس بذنب حقيقة لمنافاته العصمة.
الصفحة 118
503