كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)

عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} (3) فاطر، وقال تعالى: (قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد) أى قل يأيها النبى - لمن سألك عن صفة ربك جل وعلا - هو المعبود بحق المتصف بكل صفات الكمال، الواحد فى ذاته وصفاته وأفعاله، المقصود فى قضاء حوائج الخلق على الدوام، الذى ليس بوالد ولا مولود ولا شبيه له ولا نظير.

(دلت) السورة على أمور:
(أ) إثبات ألوهية الله تعالى المستلزمة لا تصافه بكل صفات الكمال كالعلم والقدرة والإرادة.
(ب) إثبات أحديته الموجبة تتنزهه تعالى عن التعدد والتركيب وما يستلزم أحدهما كالجسمية والتحيز والمشاركة فى الخلقه وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامة.
(جـ) إثبات صمديته تعالى المقتضية استغناءه عن كل ما سواه وافتقار كل ما عداه إليه فى الوجود والبقاء وسائر الأحوال.
(د) إبطال زعم من زعم أن له ولدا كاليهود والنصارى بقوله: (لم يلد) لأن الولد من جنس أبيه، والله لا يجانسه أحد ولا يجانس أحدا، ولا يفتقر إلى من يعينه أو يخلفه لا متناع احتياجه وفنائه.
(هـ) إثبات قدمه بقوله: (لم يولد) أى لم يفصل عن غيره. وهذا لا نزاع فيه. وإنما ذكر لتقرير ما قبله إذ المعهود أن ما لا يولد لا يلد.
(و) نفى مماثلة شئ له تعالى فى أى زمان كان " ومن زعم " أن نفى الكفء فى الماضى لا يدل على نفيه فى الحال والكفار يدعونه " فقد غفل " لأن ما لم يوجد فى الماضى لا يكون فى الحال ضرورة أ، الحادث لا يكون كفئا للقديم.
9 - نواقض الوضوء
نواقض جمع ناقض، والمراد به ما يخرج الوضوء عن إفادة المقصود منه، وهو استباحه ما لا يحل بدونه (والناقض) قسمان: حقيقي وهو ما كان حدثا بنفسه وحكمي وهو ما يعد سببا للحدث غالبا.
(فالأول) كل ما خرج من السبيلين على وجه الصحة، سواء أكان معتادا كالبول، أم غير معتاد كالحصاة، نجسا أو غيره كريح من الدبر، لقوله تعالى (أو جاء أحد منكم من الغائط) (¬1)، وذلك أن الغائط في الأصل المطمئن من الأرض يقصد للحاجة، والمجئ منه ليس ناقضا، فهو كناية عما يلزمه من الخارج (ولحديث) أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ" فقال رجل من حضرموت: ما الحدث يا ابا هريرة قال: فساء أو ضراط. أخرجه أحمد والشيخان (¬2) [223].
والحدث يشمل كل خارج من السبيلين، وإنما فسره أبو هريرة بأخص من ذلك، تنبيها بالأخف على الأغلظ، ومنه:
(أ) "الودي" بسكون الدال المهملة. وهو ماء أبيض ثخين يخرج عقب البول غالبا.
(ب) "والمذي" بسكون الذال المعجمة: وهو ماء أبيض رقيق يخرج عند
¬_________
(¬1) سورة المائدة: آية 6.
(¬2) انظر ص 75 ج 2 - الفتح الرباني (الوضوء من الربح). وص 166 ج 1 - فتح الباري (لا تقبل صلاة بغير طهور). وص 104 ج 3 نووي مسلم (وجوب الطهارة للصلاة).

الصفحة 18