كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)

(وأما الواجب معرفته إجمالا فهو أن يعتقد المكلف أن الله تعالى. متصف بكمالات موجودة تليق به تعالى لا نهاية لها يعلمها الله تعالى تفصيلا ويعلم أنها لا نهاية لها، لأنه لو انتفى عنه تعالى شئ من الكمال الذى يليق به لكان ناقصا والنقص محال فى حقه لا ستلزامه الحدوث المحال عليه تعالى.
(ب) المستحيل فى حق الله تعالى: يستحيل فى حقه تعالى بالأدلة التفصيلية السابقة ثلاث عشرة صفة مقابلة للصفات الواجبة له تعالى على الترتيب السابق. وهى العدم والحدوث " وهو الوجود بعد عدم " والفناء، ومماثلته تعالى للحوادث " فى الذات " بأن يكون جسما مركبا أو حالا له شبيه " وفى الصفات " بأن يكون حياته كحياة الحوادث وعلمه كعلمهم وهكذا " وفى الأفعال " بألا يكون مؤثرا فى شئ، وإنما له مجرد الكسب. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. فهو لا يماثل موجودا ولا يماثله موجود، ولا يحده مقدار ولا تحويه أقطار، لقوله تعالى: (ليس كمثله شئ) (ومن المستحيل) فى حقه تعالى احتياجه لموجد أو ذات يقوم بها. والتعدد " فى ذات " بأن يكون مركبا يقبل الانقسام أو يكون هناك ذات كذاته " وفى الصفات " بأن يكون له صفتان من جنس واحد كقدرتين وعلمين، أو يكون لغيره صفة كصفته " وفى الأفعال " بأن يكون لغيره تأثير فى شئ من الأشياء بطبعه أو بقوة مودعه فيه. فليست النار محرقة بطبعها ولا بقوة خلقت فيها. وإنما الخالق للإحراق هو الله تعالى عند خلقه النار. ولو شاء خلق النار دون الإحراق لكان. كما حصل لخليله سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام. وليس الماء مرويا بطبعه ولا بقوة خلقت فيه وإنما الخالق للرى الله تعالى عند شرب الماء. وليس الملبوس ساترا وواقيا البرد أو الحر بنفسه ولا بقوة خلقت فيه. بل الخالق لما ذكر هو الله تعالى عند لبس الثياب. فمن يعتقد تأثير شئ من الأسباب فى مسببه بطبعه فهو كافر أو بقوة خلقها الله فيه فهو فاسق. ومن

الصفحة 23