كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)

منه وإحسانا (¬1). وهو الخالق للكفر والمعاصى والشقاوة والأمراض والفقر ونحو ذلك عدلا منه فى مملوكه، قال تعالى: {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ} عجز آية (105) البقرة. وقال: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} (68) القصص. وقال: (فعال لما يريد) (16) البروج. وقال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ} (93) النحل. وقال: {من يضلل الله فلا هادى له} (86) الأعراف. وقال: {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (23) الأنبياء. فيجوز فى حقه تعالى عقلا (تعذيب) المطيع عدلا منه لأنه الخالق للطاعة مع تنزهه عن الانتفاع بها. وإنما ينتفع بها العبد الذى وفقه الله لكسبها، (وإثابة) العاصى فضلا منه لأنه الخالق للمعصية مع تنزهه عن التضرر بها. وإنما يتضرر بها من خذله الله باكتسابها عدلا منه.
قال تعالى: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} (49) الكهف. وقال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكُ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} (46) فصلت (¬2) وقال: {وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} عجز (384) البقرة. وقال: {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ
¬_________
(¬1) قال تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) عجز (185) البقرة وقال تعالى (وما الله يريد ظلما للعباد) عجز آية 31 غافر. وفى الحديث القدسى " يا عبادى انما هى اعمالكم احصيها لكم ثم اوفيكم اياها فمن وجد خيرا فليحمد الله تعالى. ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه " أخرجه مسلم عن أبى ذر [16] عجز حديث 782 ص 163 - الاتحافات السنية.
(¬2) و (ظلام) صيفة تدل على النسب كتمار، ولبان أى ليس منسوبا للظلم. وليس المراد انتفاء كثرة الظلم عن الله تعالى فحسب بل المراد انتفاء الظلم عنه تعالى وأبلغ منه انتفاء ارادته عنه تعالى كما قال سبحانه (وما الله يريد ظلما للعباد) عجز 31 غافر.

الصفحة 25