كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)

(وجود) المشبهة والمجسمة فى زمانهم زاعمين أن ظاهر الآيات يدل على أنه تعالى جسم، ولم يفقهوا أنه مستحيل عليه عز وجل الجسمية والحلول فى الأمكنة. وقد اغتر بعض العوام بقولهم فاعتقدوا أن الله تعالى جالس على العرش وحال فى السماء. فكفروا والعياذ بالله تعالى، والنفس أمارة بالسوء، والشياطين تحسن لها ارتكاب ما تخلد به فى النار (فوجب) عليهم أن يبينوا للعامة معنى تلك الآيات والأحاديث المتشابهة - حسب مدلولات القرآن والأحاديث النبوية - بما يصح اتصاف الله تعالى به، ليعرفوا الحق فيعلموا عليه ويتركوا الباطل وأهله فلا يكفرون. فجزاهم الله تعالى خير الجزاء (وقد) نقل العلامة أحمد زروق عن أبى حامد أنه قال: لا خلاف فى وجوب التأويل عند تعين شبهة لا ترتفع إلا به أهـ (والحاصل) أن الخلف لم يخالفوا السلف فى الاعتقاد وإنما خالفوهم فى تفسير المتشابه للمقتضى الذى حدث فى زمانهم دون زمان السلف كما علمت. بل اعتقادهم واحد، وهو أن الآيات والأحاديث المتشابهات مصروفه عن ظاهرها الموهم تشبيهه تعالى بشئ من صفات الحوادث وأنه سبحانه وتعالى مخالف للحوادث، فليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا مستقر على عرش ولا فى سماء ولا يمر عليه زمان وليس له جهة إلى غير ذلك مما هو من نعوت المخلوقين (فمن اعتقد) وصفه تعالى بشيء منها فهو كافر بإجماع السلف والخلف. نسأل الله تعالى حسن الاعتقاد أن الله تعالى استقر على العرش وحل فى السماء وأنه فى جهة من الجهات، وأن له مكانا ونحو ذلك مما هو من صفات المخلوق (وجود) بعض مؤلفات لبعض من ينتسبون إلى العلم مال وله جهة ويتصف بالتحول والانتقال إلى غير ذلك من الضلال والإضلال.
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (واطلع) عليها من لا علم عنده بأصول الدين الصحيحة فاعتقد أن ما ذكر فيها حق وعقائد صحيحة، وأعانه على ذلك الاعتقاد المكفر من

الصفحة 28