كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)

تعلم وجوب تنزهه تعالى عن أن يكون جرماً أو قائماً أو محاذياً له أو في جهة له أو مرتسماً في خياله، لان ذلك كله يوجب مماثلته للحوادث، فيجب له ما وجب لها. وذلك يقدح في وجوب قدومه وبقائه، بل وفي كل وصف أوصاف ألوهيته أهـ. (وقال) العلامة الدسوقي في حاشيته على أم البراهين: أنه يستحيل عليه تعالى أن يكون له جهة، لأن الجهات من عوارض الجسم، والله تعالى يستحيل أن يكون جسماً أهـ. (وقال) العلامة الهدهدي في شرحه على السنوسية: وكذا يستحيل عليه أن يكون في جهة، لأنه لو كان في جهة لزم أن يكون متحيزا أهـ. أي وكونه تعالي متحيزا محال عليه عز وجل.
(وقال) اعلامة الفخر الرازي في كتابه اساس التقديس: ظاهر قوله تعالي: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ} (16) ق. وقوله: {وهو معكم اينما كنتم} (4) الحديد. وقوله: {وهو الذي في السماء اله وفي الارض اله} (84) الزخرف. ينفي كونه مستقرا علي العرش وليس تأويل هذه الايات اولي من الايه التي تمسكوا بها يعني (الرحمن علي العرش استوي) أهـ.
(وقال) أيضا في كتابه المذكور: ان الدلائل العقلية القاطعة التي قدمنا ذكرها تبطل كونه تعالي مختصا بشئ من الجهات. واذا ثبت هذا ظهر انه ليس المراد من الاستواء الاستقرار. فوجب ان يكون المراد هو الاستيلاء والقهر ونفاذ القدر وجريان الاحكام الالهية. وهذا مستقيم علي قانون اللغة، وتمامه فيه.
(وقال) العلامة جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي في كتابه " دفع شبهة التشبيه ": الحق سبحانه وتعالي لا يوصف بالتحيز، لانه لو كان متحيزا لم يخل اما ان يكون ساكنا في حيزه او متحركا عنه، ولا يجوز ان يوصف بحركة ولا سكون ولا اجتماع ولا افتراق، ومن جاور او بين فقد تناهي ذاتا، والتناهي اذا اختص بمقدار استدعي مخصصا، وكذا ينبغي ان يقال ليس بداخل

الصفحة 37