كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)
كثرة احسانه وافضاله اليه لا أنه نزل اليه بذاته وتقرب اليه بجسده. فهذا مشاهد فى البشر، فكيف بمن ليس كمثله شئ؟ لقد أعظموا على الله الفرية اهـ (ومما تقدم) تعلم بطلان ما زعمه المجسمة كابن حامد وأبى يعلى وأضرابهما من انه تعالى على العرش بذاته ويزنل منه وينتقل الى سماء الدنيا (وأن) ما فى مختصر الصواعق لابن القيم من أن جماعة من أهل الحديث منهم أبو الفرج ابن الجوزى صرحوا بأ، هـ تعالى ينزل الى سماء الدنيا بذاته (كذب) وافتراء عليهم. فقد تقدم لك قول ابن الجوزى أنه يستحيل على الله تعالى الحركة والنقلة والتغير. والواجب على الخلق اعتقاد التنزيه وامتناع تجويز النقلة. وأن النزول الذى هو انتقال من مكان الى مكان لا يجوز على الله سبحانه وتعالى.
وقد رد ما ذهب اليه ابن حامد وأبو يعلى قال ومن نسب ذلك الى الامام أحمد فقد كذب عليه (ومنه) تعلم أيضا كذب ما نسب فى مختصر الصواعق الى حماد بن زيد من قوله: ان الله فى مكانه يقرب من خلقه كيف يشاء. وعلى فرض ثبوته عنه فيحرم التمسك به لمنافاته صريح الآيات القرآنية كقوله تعالى (ليس كمثله شئ) واجماع سلف الأمة وخلفها على أن الله تعالى يستحيل عليه أن يكون له مكان لأنه يستلزم المماثلة والاحتياج وهما محالان فى حقه تعالى (وكذا) ما نسبه الى ابن عبد البر من أن أهل السنة مجمعون على حمل المتشابهات على الحقيقة لا على المجاز، فهو كذب وافتراء. فهاهى ذى كلمتهم متفقة على انه يجب صرف المتشابه عن ظاهرة لقيام الأدلة القطعية عقلية ونقلية على استحالة ظاهرها فى حق الله تعالى.
(ومن) هذا القبيل ما زعمه ابن تيمية فى كتابه " شرح حديث النزول " من أن اسحاق بن راهوية وعبد الله بن طاهر وجمهور المحدثين وأحمد بن حنبل يقولون: ان الله ينزل الى سماء الدنيا ولا يخلو منه العرش (فانه) علاوة على ما فيه من التناقض يلزم عليه اثبات المكان لله تعالى. وقد ثبت بالدليل القاطع والنقلى استحالة
الصفحة 46
503