كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)

معرفة ما يدل على ايمانا، لأن معبودات الكفار من صنم ونار بالأرض. وكل منهم يسأل حاجته من معبوده. والسماء قبلة دعاء الموحدين، فأراد كشف معتقدها وخاطبها بما تفهمه فأشارت الى الجهة التى يقصدها الموحدون. ولا يدل ذلك على جهته ولا انحصاره فى السماء كما لا يدل التوجه الى القبلة على انحصاره فى الكعبة (وقيل) انما سألها باين عما تعتقده من عظمة الله تعالى. واشارتها الى السماء اخبار عن جلاله تعالى فى نفسها (وقال) القاضى عياض: لم يختلف المسلمون فى تأويل ما يوهم انه تعالى فى السماء كقوله (ءأمنتم من فى السماء) أهـ. (فقد) بين هذان الامامان معنى حديث الجارية بما يصح اطلاقه على الله تعالى. ونقلا الاجماع على تأويل كل ما يوهم أنه تعالى فى السماء أو جالس على العرش أو نحو ذلك من صفات الحوادث، لقوله تعالى (ليس كمثله شئ) فمن اعتقد خلاف ذلك فهو ضال مضل هالك.
(وقال) الامام النووى: هذا الح 0 ديث من أحاديث الصفات، وفيها مذهبان (أحدهما) الايمان به من غير خوض فى معناه مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شئ وتنزيهه عن سمات المخلوقات (الثانى) تأويله بما يليق. فمن قال بهذا قال: كأن المراد امتحان الجارية (ا) هل هى موحدة تقر بأن الخالق المدبر الفعال هو الله وحده؟ وهو الذى اذا دعاه الداعى استقبل السماء؟ كما اذا صلى المصلى استقبل الكعبة، ليس ذلك لأنه منحصر فى السماء كما انه ليس منحصرا فى جهة الكعبة، بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين (ب) أو هى من عبدة الأوثان التى بين أيديهم؟ فلما قالت: فى السماء، علم أنها موحدة وليست عابدة للأوثان اهـ ص 25 ج 5 شرح مسلم (تحريم الكلام فى الصلاة).
وقد أفردت هذا المبحث بكتاب (اتحاف الكائنات، ببيان مذهب السلف

الصفحة 49