كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)

وقال: (أم يقلون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين) 13 - هود. وقال: {وان كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} 23 - البقرة.
(وانما) كان القرآن معجزا لأنه فى أعلى طبقات الفصاحة والبلاغة (¬1)، وهى توخى معانى الألفاظ وأسرار التركيب وترتيب الكلام حسبما تقتضيه المقاصد والأغراض. وهذه هى المزية التى امتاز بها عن سائر الكلام. فعجز المعاندون من العرب عن معارضته مع شهرتهم وامتيازهم عن غيرهم وتفوقهم فى الفصاحة. ولا يلتفت الى ما قاله بعض الكفرة المعاندين من انه شعر وكهانة وأساطير. فانهم قوم لا يعقلون ولا يفقهون. ولو عقلوه وتدبروه ما وسعهم الا الايمان به: (غانها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور) (46) الحج.
¬_________
(¬1) قال القاضى عياض فى الشفاء: اعلم أن القرآن منطو على وجوه مكن الاعجاز كثيرة أهمها اربعة: (أولها) حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه وبلاغته الخارقة (اى المتجاوزة) عادة العرب الذين هم فرسان الكلام وأرباب هذا الشأن (الثانى) صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب وكل من هذين النوعين الايجاز والبلاغة بذاتها والاسلوب الغريب بذاته نوع اعجازه على التحقيق. لهم تقدر العرب على الاتيان بواحد منهما (الثالث) ما انطوى عليه من الاخبار بالمغييات وما لم يكن فوجد كما ورد (الرابع) ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة والأمم البادية والشرائع الداثرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة الا اللفذ من أحبار أهل الكتاب الذى قطع عمره فى تعلم ذلك فيورده صلى الله عليه وعلى آله وسلم على وجهه ويأتى به على نصه وهو أمى لا يقرأ ولا يكتب: فهذه الوجه الأربعة من اعجازه بينه لا نزاع فيها. انظر ص 542 وما بعدها ج 1 شرح الشفاء للقارى.

الصفحة 59