كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)

(3) السمعيات
هى أمور لا تعرف الا من طريق النقل من كتاب أو سنة، لا يقبل ايمان عبد حتى يصدق بها تصديقا
جازما. المذكور منها هنا ستة:
¬_________
= اختصهم الله تعالى بها، ولهذا رد سبحانه وتعالى على النصارى قولهم بألوهية عيسى وأمة بافتقارهما الى الأغراض البشرية من أكل الطعام وغيره. هذا والحق أن أفعال الرسل دائرة بين الايجاب والندب لا غير، لأن المباح لا يقع منهم عليهم الصلاة السلام بمقتضى الشهوة فقط كما يقع من غيرهم. بل لا يقع منهم الا مصاحبا لنية يصير بها قربة. وأقل ذلك أن يقصدوا التشريع. وذلك من قربة التعليم. والمؤمن اذا نوى بمباحات جميعا مثل ذلك من النيات أنقلبت طاعات كما اذا نوى بنومه وأكله وشربه التقوى على طاعة الله فانه يكون عبادة .. فكيف بسيد المرسلين الذى فاق يالقيام بحقوق العبودية جميع البرية (وقد) ثبت أنه تورمت قدماه من كثرة قيامه لمولاه مع ما حباه وأولاه (وأعلم) أنه وان جاز لحوق الامراض بهم فهى لا تتعدى أبدانهم الشريفة الى قلوبهم باعتبار ما فيها من المعارف فلا يخل المرض بشئ منها ولا يكدر عليها صفوها ولا يوجب لهم ضجرا ولا ضعفا لقواهم الباطنة. وكذلك النوم والجوع لا يستوليان على قلوبهم. ولهذا كانت تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم. وكان النبى صلى الله عليه وسلم ينهى غيره عن الوصال فى الصوم مع أنه كان يفعله قائلا: " أنى لست مثلكم انى أبيت يطعمنى ربى ويسقينى ". أخرجه أحمد والشيخان عن أبى هريرة [41] يأتى بالصوم رقم 92 (وصال الصوم) ص 312 ج 8 دين. وانما تصاب ظواهرهم بالأمراض تعظيما لاجرهم والله تعالى قادر على أن يكون ثواب من غير ذلك. ولكنه اختار ذلك سبحانه لحمة لو لم يكن منها الا زيادة تصديقهم والرفق بضعفاء العقول من تابعيهم لكفى (وفيه) أيضا تشريع للأمة ليكون لهم قدوة فلا يضجروا عند نزول الحوادث وليصبروا كما صبر من هو أفضل وأعلى منهم (الأنبياء) وليعلموا قيمة الدنيا وأنها حقيرة عند الله تعالى. ففى الحديث: " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء " أخرجه الترمذى عن سهل بن سعد [42] ص 261 ج 3 تحفة الأحوذى (هو ان الدنيا على الله - الزهد).

الصفحة 64