كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)

على أن السنة هاهنا مثل ما فعل ذلك الصحابى. وهو العمل بما ثبت كونه سنة (¬1).
(وأما) البدعة التى قسموها إلى حسنة وغيرها فهى اللغوية (ومن المعلوم) أن البدع ليست من الدين، فكيف يتقرب بها إلى الله عز وجل. وهل يصح من عاقل أن يعبد الله تعالى بغير ما شرع؟ وأن سنة النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم هى فعله وقوله وتقريره. وأن ما ترك مع قيام المقتضى فرتكه سنة وفعله بدعة. كالأولى والثانية يوم الجمعة تركهما النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع قيام المقتضى وهو التشريع. فتركهما سنة (وكذا) الترقية بين يدى الخطيب ورفع الصوت حال السير مع الجنازة وسائر البدع في العبادة. وتركها مطلوب شرعا لأنها ضلالة يجب البعد عنها 0 (وقد) أجمعوا على أن كل بدعة حدثت رفع مثلها من السنة، لحديث غضيف بن الحارث أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة " أخرجه أحمد بسند جيد (¬2) {6}.
(وقال) عبد الله بن الديلمى " بلغنى أن أول ذهاب الدين ترك السنة يذهب الدين سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة " أخرجه الدارمى (¬3) {1}.
(فالمطلوب) ممن يريد حفظ دينه من الضياع وسلامة عقيدته من الفساد، ألا يركن إلى أى كتاب ادعي صاحبه استحسان أي بدعه في العبادة أو مال إلى
¬_________
(¬1) ص 239 ج 1 - الاعتصام (ليس المراد بالحديث الاستنان بمعنى الاختراع).
(¬2) ص 194 ج 1 - الفتح الربانى (التحذير من الابتداع في الدين).
(¬3) ص 45 ج 1 سنن الدرامى (اتباع السنة).
على قدر ما يطيقونه. فالعارف يرى أن قدر الحق أعلى وأجل من ذلك فيستحي من عمله ويستغفر من تقصيره فيه كما يستغفر غيره من ذنوبه وغفلاته (¬1).
(فائدة) ذكر بعض الفقهاء أنه يندب قراءة سورة القدر ثلاثا بعد الوضوء (لحديث) أنس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " من قرأ في أثر وضوئه: أنا أنزلناه في ليلة القدر واحدة، كان من الصديقين. ومن قرأها مرتين كتب في ديوان الشهداء. ومن قرأها ثلاثا يحشره الله محشر الأنبياء " أخرجه الديلمي في مسند الفردوس (¬2) [207].
لكن قال الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة: حديث قراءة (إنا أنزلناه) عقب الوضوء، لا أصل له، وقال السيوطي: في سنده أبو عبيدة مجهول.
(15) الشرب من فضل الوضوء- قال الحنفيون وأحمد والشافعية: يستحب الشرب من فضل ماء الوضوء قائما أو قاعدا مستقبلا القبلة، لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم شرب قائما من فضل وضوئه ومن ماء زمزم. (وعن عبد خير) أن عليا أتى بوضوء أو أتى بإناء فيه ماء فأفرغ على يديه من الإناء فغسلهما ثلاثا (الحديث) وفيه: ثم صب بيده اليمنى على قدمه اليسرى ثم غسلها بيده اليسرى ثلاث مرات. ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فغرف بيده فشرب. وفي رواية: وشرب فضل وضوئه، ثم قال: هذا طهور. أخرجه أحمد والدارقطني بسند جيد (¬3) [208].
¬_________
(¬1) انظر ص 80 ج 1 كشاف القناع (سنن الوضوء).
(¬2) انظر ص 438 راموز الأحاديث.
(¬3) انظر ص 8 ج 2 - الفتح الرباني. وص 33 سنن الدارقطني.

الصفحة 7