كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)

عقيدة فاسدة، وإلا ضل وخاب، وغرق في غياهب التباب. هذا، والمعلوم أن الدين هو ما أوحاه الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: وأنه مأمور بتبليغه من غير تغيير ولا زيادة ولا نقص قال الله تعالى " وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى " (3) " إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى " (4) النجم. وقال: " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ " (67) المائدة. وقال: " فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرَ " (112) هود. وقال " لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ " (12) آل عمران. وقال: " وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ " (44) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِينَ (46) فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ" (47) الحاقة (¬1) وما إلى ذلك من الآيات الناطقة بأنه لا مشرع إلا الله تعالى. (ولو أدرك) المتعرضون للتأليف ذلك ما قالوا بتحسين أى بدعة سيما وأن كل بدعة مردودة بقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أخرجه الشيخان وأبو داود عن عائشة. وفى رواية لمسلم: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2) " {7}.
(ولو عقلوا) أن الأحكام لا تثبت إلا بدليل من الكتاب أو السنة (ما أثبتوا) شيئا من هذه المخالفات فى كتبهم. (وإذا) كانت البدع ليست من الدين فما الدليل على حسنها؟ (وهل) الدين كان ناقصا فكمل بالبدع التى ليست منه؟ ألم يبلغهم قول الله عز وجل: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
¬_________
(¬1) أى لو ادعى علينا شيئا لم نقله لقتلنا هـ كما يفعل الملوك بمن يكذب عليهم، أو المعنى انتقمنا منه بالحق، فليمين على هذا بمعنى الحق كقوله تعالى (انكم كنتم تأتوننا عن اليمين) أى من قبل الحق. والوتين، عرق بالقلب يتصل بالرأس إذا انقطع مات صاحبه.
(¬2) ص 25 ج 1 تسير الوصول (الاستمساك بالكتاب والسنة).
(16) التنشيف بعد الطهارة: قال الحنفيون والثوري ومالك وأحمد: لا بأس بالتمسح بمنديل ونحوه بعد الطهارة، بل عده في الدر المختار من الآداب (لقول) معاذ: رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه. أخرجه البيهقي والترمذى وقال: هذا حديث غريب وإسناده ضعيف ورشدين بن سعد وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي يضعفان في الحديث (¬1) [209].
(وعن) أياس بن جعفر عن صحابي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان له منديل أو خرقة يمسح بها وجهه إذا توضأ. أخرجه البيهقي والنسائي في الكني بسند صحيح (¬2) [210].
والأحاديث في ذلك كثيرة. وهي وإن كان في بعضها مقال إلا أنها لكثرتها يقوي بعضها بعضا.
(والمشهور) عند الشافعية أن المستحب ترك تنشيف الأعضاء، وقيل أنه مباح وقيل مستحب لما فيه من الأحتراز عن الأوساخ ولما تقدم. وقيل: يكره في الصيف دون الشتاء. وهذا كله ما لم تكن هناك حاجة إلى التنشيف كبرد أو التصاق نجاسة، وإلا فلا كراهة قطعا (¬3).
(وقال) بعض الشافعية وسعيد بن المسيب: يكره التمسح بمنديل ونحوه (لحديث) أنس أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم له يكن يمسح وجهه بالمنديل بعد الوضوء، ولا أبو بكر ولا عمر ولا علي ولا ابن مسعود.
¬_________
(¬1) انظر ص 57 ج 1 تحفة الأحوذي (المنديل بعد الوضوء).
(¬2) انظر ص 57 ج 1 تحفة الأحوذي الشرح.
(¬3) انظر ص 461 ج 1 مجموع النووي.

الصفحة 8