كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)
فلعب بهم الموج شهرا في البحر، ثم أرفئوا (¬1) إلى جزيرة في البحر حين مغرب الشمس فجلسوا في اقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثيرة الشعر لا يرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر. فقالوا: ويلك ما انت؟ فقالت: اناالجساسة؟ قالوا وما الجساسة؟ قالت ايها القوم انطلقوا الي هذا الرجل في الدير، فاذا فيه اعظم انسان رايناه قط خلقا واشده وثاقا، مجموعة يداه الي عنقه ما بين ركبته الي كعبيه بالحديد قلنا: يلك ما انت؟ قال: قد قدرتم علي خبري، ثم ارفانا الي جزيرتك هذه، فلقيتنا دابة اهلب كثيرة الشعر، لا يدى ما قبله من دبره من كثرة الشعر. فقلنا: ويلك ما انت؟ فقالت: انا الجساسة. قلنا: وما الجساسة؟ قالت اعمدوا الي هذا الرجل في الدير فانه الي خبركم بالاشواق، فاقبلنا اليك سرعا. فقال: اخبرونيعن نخل (بيسان) قلنا: عن أي شانها تستخبر؟ قال اسالكم عن نخلها هل يثمر؟ قلنا له: نعم. قال: اما انه يوشك الا يثمر.:
اخبروني عن بحيرة (طبرية) هل فيها ماء؟ قلنا: نعم هي كثيرة الماء قال: اما ان مائها يوشك ان يذهب قال: اخبروني عن (زغر) هل في العين ماء؟ وهل يزرع اهلها بماء العين؟ قلنا: نعم هي كثيرة الماء، واهلها يزرعون
¬_________
(¬1) و (ارقئوا) بفتح الهمزة وسكون الراء مهموزا: أي التجئوا إليها، و (اقرب) بضم الراء: جمع قارب علي غير قياس، وهو سفينة صغيرة تكون إلى جانب الكبيرة. أي غليظة الشعر كثيرة، و (الجساسة) من التجسس، وهو الفحص عن بواطن الأمور، واكثر ما يقال ذلك في الشر.
الصفحة 84
503