كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 1)
مع ما سبق لهم من العلم بحاله. ولهذا يقول له يقتله ثم يحييه: ما أزددت فيك الا بصيرة (¬1).
5 - نزول سيدنا عيسى عليه السلام وقتله الدجال
دلت السنة وأجمعت الأمة على ان سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ينزل قرب الساعة، ويقتل الدجال، ويحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويمكث فى الأرض ما شاء الله أن يمكث، ثم يموت ويصلى عليه المسلمون.
(فعن أبى هريرة) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: والذى نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها. أخرجه أحمد والخمسة الا النسائى (¬2) {
76}.
¬_________
(¬1) ص 58 ج 18 شرح مسلم.
(¬2) ص 213 ج 3 تيسير الوصول (المسيح عيسى بن مريم). و (ليوشكن) بكسر المعجمة. أى ليقربن سريعا نزول عيسى عليه والسلام، حاكما بهذه الشريعة المحمدية، فإنها باقية لا تنسخ، فلا ينزل نبيا بشريعة مستقلة ناسخة، بل هو حاكم من حكام هذه الأمة. و (مقسطا) أى عادلا، اسم فاعل من أقسط ضد القاسط وهو الجائز، وعند أحمد من حديث عائشة (ويمكث فى الأرض أربعين سنة) وللطبرانى من حديث عبد الله بن مغفل: " ينزل عيسى بن مريم مصدقا بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ملته ". (فيكسر الصليب) حقيقة، ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمه (وقيل): المراد من كسره إظهار كذب النصارى حيث ادعوا أن اليهود صلبوا عيسى عليه الصلاة والسلام على خشب، فأخبر الله فى كتابه العزيز بكذبهم وافترائهم فقال: (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) وذلك انهم لما نصبوا له خشبة ليصلبوه عليها، ألقى الله شبه عيسى على الشخص الذى دلهم عليه واسمه يهوذا، وصلبوه مكانه وهم يظنون أنه عيسى، ورفع الله عيسى إلى السماء ثم تسلطوا على أصحابه بالقتل والصلب والحبس حتى بلغ أمرهم ملك الروم فقيل له: أن اليهود قد تسلطوا على أصحاب رجل كان يذكر لهم أنه رسول، وكان يحيى الموتى ويبرئ الأكمة والأبرص، ويفعل العجائب، فعدواه عليه وقتلوه وصلبوه فأرسل الى المصلوب فوضع عن جذعه وجئ بالجذع الذى صلب عليه فعظمه صاحب الروم وجعلوا منه صلبانا. فمن ثم عظمت النصارى الصلبان. ومن ذلك الوقت دخل دين النصرانية فى الروم .. ثم يكون كسر عيسى الصليب حين ينزل، إشارة إلى كذبهم فى دعواهم أنه قتل وصلب، والى بطلان دينهم، وأن الدين الحق هو دين الإسلام الذى عيسى لإظهاره وإبطال بقية الأديان بقتل النصارى واليهود وكسر الأصنام وقتل الخنزير وغير ذلك. أنظر ص 35 ج 12 عمدة القارى طبع منير (ويقتل الخنزير) إنما قتله لحرمه اقتنائه وأكله، لأنه نجس العين لا ينتفع به شرعا (ويضع الجزية) أي يسقطها عن أهل الكتاب ولا يقبل منهم الا الإسلام، فان قبول الجزية منهم فى شريعتنا ملغيا بنزول سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام (فقد) أخبر النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث الصحيح وأشباهه بنسخ قبول الجزية بنزول عيسى عليه السلام. وليس عيسى هو الناسخ. و (يفيض) بفتح المثناة التحتية: أى يكثر. وتنزل البركات وتكثر الخيرات، بسبب العدل وعدم الظلم، وحينئذ تخرج الأرض كنوزها. وتقل الرغبات فى اقتناء المال، لقصر الآمال، وعلمهم بقرب الساعة. فان نزول عيسى عليه الصلاة والسلام، علم من أعلام الساعة الكبرى، ولذا تكثر رغبتهم فى الصلاة وسائر الطاعات.
الصفحة 92
503