كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 2)

(ويستحب) عند الشافعية الاستفتاح بما فى حديث علىّ رضى الله عنه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبّر ثم قال: وجْهتُ وجهى للذى فطَر السمواتِ والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إنّ صلاتى ونُسُكى ومحياىَ ومماتى لله ربِّ العالَمين، لا شريك له، وبذلك أكرتُ وأنا أولُ المسلمين. اللهم أنت الملِكُ لا إله إلا أنت، أنت ربى وأنا عبدك، ظلمت نفسى، واعترفتُ بذنبى، فاغفِرْ ذنوبى جميعا، إنه لا يغفِرُ الذنوبَ إلا أنت، واهْدنى أحْسن الأخلاق لا يهدى لأحْسَنها إلا أنت، واصْرِف عنى سيئها لا يصرِف سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله فى يديك، والشرُّ ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركتَ وتعاليتَ أستغفرك وأتوب إليك " (الحديث) أخرجه الشافعى وأحمد ومسلم والنسائى وأبو داود (¬1). {291}
¬_________
(¬1) ص 72 ج 1 - بدائع المنن. وص 181 ج 3 - الفتح الربانى. وص 57 ج 6 - نووى (صلاة النبى صلى الله عليه وسلم ودعاؤه بالليل) وص 142 ج 1 - مجتبى (الذكر والدعاء بين التكبير والقراءة) وص 167 ج 5 - المنهل العذب (ما تستفتح به الصلاة) و (وجهت وجهى) أى توجهت بذاتى وأخلصت فى عبادتى لله تعالى، فالمراد بالوجه الذات. ويحتمل أن يراد به القلب، أى وجهت قلبى لعبادة الله تعالى. فينبغى =للمصلى أن يتحلى بالحضور والإخلاص ولا سيما حال تلاوة هذا الدعاء، وإلا كان كاذبا. واقبح الكذب ما يكون والإنسان واقف بين يدى مولاه الذى يعلم سره ونجواه (فطر السموات والأرض) أى خلقهما على غير مثال سابق .. وقدم السموات لشرفها وخلوها من المفسدين، وجمعها لما بينها من التفاوت. وافرد الأرض وإن كانت سبعا لانطباقها ولنها من جنس واحد. و (حنيفا مسلما) أى مائلا عن كل دين باطل منقادا للدين الحق مطيعا لأمره تعالى، مجتنبا نهيه (ومحياى ومماتى) أى حياتى وموتى مخلوقان لله تعالى، أو ما أعمل فى حياتى من الطاعات، وما أموت عليه من الإيمان، خالص لمالك السموات والأرضين وما فيهما (وأنا أول المسلمين) هكذا عند أبى داود ورواية لأحمد = ومسلم. وفى رواية لهما والنسائى " وأنا من المسلمين " ويستوى فيها الرجل والمرأة (أنت الملك) أى المتصرف فى جميع المخلوقات. و (ظلم النفس) يكون بالتقصير فى الطاعات واقتراف السيئات، قاله النبى صلى الله عليه وسلم تواضعا منه وتعليما لنا واعترافا لله تعالى بالقدرة التامة والإرادة الشاملة. و (لبيك وسعديك) أى أجيبك إجابة بعد إجابة، وأسعد بطاعتك وإجابتى لدعوتك سعادة بعد سعادة (والخير كله فى يديك) أى فى تصرفك يجرى = بقضائك ولا يدرك من غيرك " لا معطى لما منعت " (والشر ليس إليك) أى لا يتقرب به إليك أو لا يضاف إيك تأدبا (أنا بك وإليك) أى أستعين بك وألتجئ إليك أو بك وجدت وإليك ينتهى أمرى وبك أحيا وأموت وإليك المصير.

الصفحة 223