كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 2)

" اللهم إن أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فِتنة المسيح الدجّال وأعوذ بك م فتنة المحيا والممات اللهم إنى أعوذ بك من الماثم والمغرم فال له قائل: ما أكثر ما تستعيذُ م المغرَم؟ فقال: إن الرجل إذا غرِمَ حدّث فكذَب، ووعد فأخلف " أخرجه السبعة إلا ابن ماجه (¬1) {354}
(وقد) حمل الجمهور الأمر بالدعاء والتعوّذ فى هذه الأحاديث على الندب (وحمله) الظاهرية على الوجوب. وقال ابن حزم: يجب التعوّذ بعد التشهدين، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم - فى حديث أبى هريرة - إذا تشهّد أحدكم فليستعِذْ بالله من أربع. يقول: اللهم إنى أعوذ بك من عذاب جهنم (الحديث) أخرجه مسلم والنسائى (¬2) {355}
وهو مطلق فى التشهدين (وأجاب) الجمهور بأن ما استدل به مطلق
¬_________
(¬1) ص 30 ج 4 - الفتح الربانى. وص 215 ج 2 - فتح البارى (الدعاء قبل السلام) وص 87 ج 5 - نووى. وص 328 ج 5 - المنهل العذب (الدعاء فى الصلاة) وص 193 ج 1 - مجتبى .. و (فتنة المحيا) ما يعرض للإنسان مدّة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأعظمها والعياذ بالله تعالى ما يكون عند الموت (وفتنة الممات) يحتمل أن يراد بها الفتنة عند الموت، أضفيت إليه لفر بها منه، ويجوز أن يراد بها فتنة القبر، فقد صح أنهم يفتنون فى قبورهم. وقيل المراد بفتنة المحيا الابتلاء مع عدم الصبر، وبفتنة الممات سؤال القبر مع الحيرة. و (المأثم) ما يأثم الإنسان بارتكابه من المعاصى (والمغرم) مصدر وضع موضع الاسم. والمراد به الدين فيما يكرهه الله تعالى، أو فيما يحل ولا يقدر على أدائه، فأما دين احتيج إليه شرعا ويقدر على أدائه، فلا يستعاذ منه. واستعاذ صلى الله عليه وسلم مما ذكر تعليما للأمة، ولينتشر خبر الدجال بأنه كذاب ساع فى الأرض بالفساد، فلا يلتبس حاله على المؤمنين عند خروجه و (قائل) هو عائشة رضى الله عنها. ففى رواية للنسائى عنها: قلت يا رسول الله ما أكثر ما تتعوذ من المغرم؟
(¬2) انظر المراجع بهامش.

الصفحة 259