كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 2)

ليست كذلك، بل تؤدىّ فى وقت تعب أهل الأعمال فخففت عنهما، والمغرب ضيقة الوقت فاحتيج إلى زيادة تخفيفها لذلك، ولحاجة الناس إلى عشاء صائمهم وضيفهم. والعشاء تفعل فى وقت غلبة النوم ولكن وقتها واسع فأشبهت العصر. وهذا هو الهدى الذى استمر عليه صلى الله عليه وسلم إلى أن لقى الله عز وجل لم ينسخه شئ. ولهذا أخذ به خلفاؤه الراشدين من بعده، فقرأ أبو بكر رضى الله عنه فى الفجر بسورة البقرة حتى سلم منها قريباً من طلوع الشمس (وكان) عمر رضى الله تعالى عنه يقرأ فيها بيوسف والنحل، وبهود وبنى إسرائيل " أى الإسراء " ونحوها من السور.
(وأما) حديث جابر بن سمرة أنّ النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى الفجر سبق والقرآن المجيد، وكانت صلاته بعد تخفيفا. أخرجه مسلم (¬1) {397}
" فالمراد " بقوله بعد، أى بعد الفجر، أى أنه كان يطيل قراءة الفجر أكثر من غيرها وكانت صلاته بعد الصبح أخف.
(وأما) قوله صلى الله عليه وسلم. أيكم أمّ الناس فليخفف وقول أنس رضى الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة فى تمام " فالتخفيف " أمر نسبى يرجع إلى ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم وواظب عليه، لا إلى شهوة المأمومين فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يأمرهم بأمر ثم يخالفه، وقد علم أن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة (فالذى) فعله هو التخفيف الذى أمر به. فإنه كان يمكن أن تكون صلاته أطول من ذلك بأضعاف مضاعفة. فهى خفيفة بالنسبة إلى أطول منها. وهديه الذى واظب عليه هو الحاكم على كل ما تنازع فيه المتنازعون (قال)
¬_________
(¬1) ص 179 ج 4 - نووى (القراءة فى الصبح).

الصفحة 282