كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 2)

ما يُحاسَبُ الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة يقول ربُّنا لملائكته - وهو أعلم -: انظروا فى صلاة عبدى أتمّها أو نفصّها؟ فإن كانت تامة كتِبتْ له تامّة. وإن كان انتقص منها شيئا قال: انظروا هل لعبدى من تطوّع؟ فإن كان له تطوّع قال: أتمّوا لعبدى فريضته من تطوّعه ثم تؤخذ الأعمال على ذلك " أخرجه أبو داود وابن ماجه (¬1) {412}
(قال) ابن دقيق العيد: فى تقديم النوافل على الفرائض وتأخيرها عنها معنى لطيف مناسب " أما فى تقديم " فلأن النفوس لاشتغالها بأسباب الدنيا بعيدة عن حالة الخشوع والخضوع والحضور التى هى روح العبادة، فإذا قدّمت النوافل على الفرائض أنِسَت النفس بالعبادة وتكيفت بحالة تقرب من الخشوع " وأما تأخيرها " عنها، فقد ورد أن النوافل جابرة لنقص الفرائص فإذا وقع فى الفرض ناسب أن يقع بعده ما يجبر الخلل الذى يقع فيه أهـ. لكنه يكره نية الجبر به لعدم العلم بل يفوّض وإن كان حكمه الجبر فى الواقع (¬2).
¬_________
(¬1) ص 309 ج 5 المنهل العذب (كل صلاة لا يتمها صاحبها تنم من تطوعه) وص 224 ج 1 - ابن ماجه و (أتمها أم نقصها) أى أتم سننها وآدابها كالخشوع وألذكار والأدعية أم ترك شيئا منها؟ أما من أفسدها بترك شرط أو ركن فقد خاب وخسر ففى رواية الترمذى إن أوّل ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد افلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضة شيئا قال الرب: انظروا الخ (ص 318 ج 1 - تحفة الأحوذى) ويحتمل أن يراد بالانتقاص ما ترك من الفرائض فلم يصله فيعوّض عنه من التطوّع تفضلا من الله (قال) ابن العربى: الأظهر عندى أنه يكمل ما نقص من فرض الصلاة وأعدادها بنفل التطوّع، لقوله صلى الله عليه وسلم: ثم الزكاة كذلك، وسائر الأعمال، وليس فى الزكاة إلا فرض ونفل، فكما يكمل فرض الزكاة بنفلها كذلك الصلاة. وفضل الله أوسع وكرمه أعم وأن لم يكن له تطوّع بقيت ناقصة فلا يجازى عليها جزأه صلاة كاملة
(¬2) ص 123 ج 1 - بلغة السالك لأقرب المسالك (النوافل).

الصفحة 293