كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 2)

وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (¬1)
} (قال) ابن عمر: " رمَقْتُ النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الركعتين قبل الفجر قل يأيها الكافرون، وقل هو الله أحدٌ " أخرجه أحمد والنسائى وابن ماجه والترمذى وحسنه (¬2). {423}
¬_________
(¬1) سورة آل عمران: آية 64 (والسواء) العدل، وقرأ ابن مسعود " إلى كلمة عدل " فالمعنى أقبلوا إلى ما دعيتم إليه وهى الكلمة العادلة التى لا ميل فيها عن الحق وهى: أن لا نعبد إلا الله الخ ..
(¬2) ص 225 ج 4 - الفتح الربانى. وص 181 ج 1 - ابن ماجه (ما يقرأ فى الركعتين قبل الفجر) وص 320 ج 1 - تحفة الأحوذى (تخفيف ركعتى الفجر ... ) وإنما كان صلى الله عليه وسلم يقرأ فى ركعتى الفرج هاتين السورتين لما فيهما من الفضل العظيم. فإن سورة الإخلاص متضمنة لتوحيد الاعتقاد والمعرفة، وما يجب إثباته للرب " من الأحدية " المنافية لمطلق المشاكرة بأى وجه من الوجوه " والصمدية " المثبتة له جميع صفات الكمال ومنها استغناؤه عن كل ما سواه، وافتقار كل ما عداه إليه. فهو لا يلحقه نقص بوجه من الوجوه " ونفى الولد والوالد " الذى هو من لوازم أحديته وصمديته وغناه " ونفى الكف " المتضمن لنفى الشبيه والمثيل والنظير. فتضمنت هذه السورة إثبات كل كمال له ونفى كل نقص عنه، ونفى مماثلة شئ له فى أى زمان كان كما تقدّم بيانه باتم من هذا فى بحث الوحدانية. وهذه الأصول هى مجامع التوحيد العلمى الاعتقادى الذى بياين صاحبه جميع فرق الضلال ولذلك كانت هذه السورة تعدل ثلث القرآن وذلك لأنّ المقصود من القرآن بيان التوحيد والصفات، والأوامر والنواهى والقصص والمواعظ. وهذه السورة قد تضمنت بيان التوحيد والصفات وسميت السورة قل يأيها الكافرون من الشرك اعملى الإرادى القصدى (ولما كان) العلم قبل العمل وهو إمامه وقائده وسائقه والحاكم عليه ومنزله منازله. كانت سورة قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن. وقل يأيها الكافرون تعدل ربع القرآن .. ووجهه أن القرآن مشتمل على بيان التوحيد والنبوات وأحكام المعاش والمعاد وهى مستقلة ببيان التوحيد ولكونهما سورتى الإخلاص والتوحيد كان النبى صلى الله عليه وسلم يفتتح بهما عمل النهار ويختمه بهما فيقرؤهما فى الركعتين بعد المغرب وفى ركعتى الطواف فى الحج الذى هو شعار التوحيد.

الصفحة 298