كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 2)

(وعن) النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لتُسَوُّنَّ صفوفكم أو لَيخالِفَنّ اللهُ بيم وجوهكم " أخرجه الخمسة وصححه الترمذى (¬1) {465}
(والمراد) بالمخالفة بين الوجوه والقلوب، حصول التنافر والعداوة والبغضاء واختلاف القلوب لأن اختلافهم فى الصفوف مخالفة فى الظاهر، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن.
ولظاهر الأمر فى هذه الأحاديث قال ابن حزم بوجوب تسوية الصفوف للوعيد الشديد فيها. وقد ثبت عن عمر رضى الله عنه أنه ضرب قدَم أبى عثمان النهْدىّ لإقامة الصف (¬2) (وقال) سُويَد بن غفْلة: كان بلال يضرب أقدامنا فى الصلاة ويسوّى مناكبنا. وقال: ما كان عمر وبلال يضربان على غير فرض (¬3) (وقال) الجمهور: إقامة الصفوف سنة. وادّعى بعضهم الإجماع على ذلك. وقالوا: الأمر والوعيد المذكوران من باب التغليظ والتشديد تأكيداً وتحريضاً على تسوية الصفوف وتعديلها. وأما ضرب عمر وبلال الناس على تركه فلا يدل على الوجوب، لجواز أنهما كانا يريان التعزير على ترك السنة. وقد كان عمر يوكّل رجالا بإقامة الصفوف فلا يكبر حتى يُخبَر أن الصفوف قد استوت. وروى عن عثمان وعلىّ أنهما كانا يتعاهدان ذلك ويقولان استووا. وكان علىّ يقول تقدم يا فلان تأخير يا فلان قاله الترمذى (¬4).
¬_________
(¬1) ص 141 ج 2 - فتح البارى (تسوية الصفوف). وص 159 ج 4 - نووى. وص 53 ج 5 - المنهل العذب. وص 193 ج 1 - تحفة الأحوذى.
(¬2) ص 58 ج 4 - المحل مسألة 415.
(¬3) ص 59 منه.
(¬4) ص 193 ج 1 - تحفة الأحوذى.

الصفحة 320