كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 2)

هذا. وقد اختلفوا فى تحديد المكان الذى يمنه المرور فيه أمام المصلى (فقال) الحنفيون: إن كا يصلى فى مسجد كبير أو فى الصحراء كره المرور بين يديه من موضع قدمه إلى موضع سجوده. وإن كان فى مسجد صغير " أربعين ذراعا فأقل " كره المرور من موضع قدمه إلى حائط القبلة. والأصح أنه إن كان بحال لو صلى صلاة الخاشعين جاعلا بصره حال قيامه فى موضع سجوده لا يقع بصره على المار لا يكره مروره واختاره فخر الإسلام وصاحب النهاية قال الكمال: والذى يظهر ترجيح ما اختاره فى النهاية وكونه من غير تفصيل بين المسجد وغيره فإن المؤثم المرور بين يديه وكون ذلك البيت برمته اعتبر بقعة واحد فى حق بعض الأحكام لا يستلزم تغيير الأمر الحسى من المرور من بعيد فيجعل البعيد قريبا (¬1).
(وقالت) المالكية: إن صلى لسترة حرم المرور بينه وبينها، وإن صلى لغير سترة حرم المرور فى موضع ركوعه وسجوده فقط (وقالت) الشافعية: إن اتخذ سترة يحرم المرور أمامه فى ثلاثة أذرع فأقل (وقالت) الحنبلية: إن اتخذ سترة حرم المرور بينه وبينها ولو بعدت. وإن لم يتخذها حرم المرور فى ثلاثة أذرع ابتداء من قدمه. وإن احتاج أحد إلى المرور ألقى شيئا أما المصلى ثم مر من ورائه.
(فائدة) للمرور بين يدى المصلى أربع صور: (الأولى) أن يكون للمار مندوحة عن المرور أمامه ولم يتعرّض المصلى فى طريق المارة، فالإثم على المار اتفاقا (الثانية) أن يتعرّض المصلى بصلاته فى مكان المرور وليس للمار مندوحة فيأثم المصلى عند غير الحنبلية، لتعرضه لا بترك السترة،
¬_________
(¬1) ص 288 ج 1 - فتح القدير (ما يفسد الصلاة).

الصفحة 330