كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 2)

فإن اتخاذها ليس واجبا. ولذا قالت الحنبلية لا إثم عليه (الثالثة) أن يتعرّض المصلى وللمار مندوحة، فيأثمان جميعا عند المالكية والحنفية، لتفريط كل منهما (وقالت) الحنبلية: يأثم المار دون المصلى لعدم لزوم اتخاذ السترة (وقالت) الشافعية: لا إثم على المار لعدم اتخاذ السترة، ويكره تعرّض المصلى بصلاته فى موضع يحتاج للمرور فيه.
(الرابعة) ألا يتعرّض المصلى ولا مندوجة للمار، فلا إثم عليهما اتفاقا، كما لا إثم على من دخل المسجد فوجد فرجة فى الصف الأمامى فمرّ أمام الصف الخلفى وسدّ الفرجة لتقصيرهم بتركها.
(و) يندب - عند الجمهور - للمصلى لسترة أن يدفع المار أمامه آدميا أو بهيمة ما استطاع (لحديث) أبى سعيد الخدرى أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صلى أحدُكم إلى شئ يْستُره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فلْيدفعه فإن أبى فلْيقاتِلْه فإنما هو شيطان " أخرجه الشيخان والنسائى وأبو داود (¬1) {487}
فقد دل على أنه لا يجوز دفع المار إلا لمن اتخذ سترة، ومثله من صلى فى مكان يأمن فيه المرور بين يديه. أما من لم يتخذ سترة أو اتخذها وتباعد عنها فلا يجب عليه دفع المار لتقصيره، ولا يحرم حينئذ المرور بين يديه لكن يكره.
¬_________
(¬1) ص 388 ج 1 فتح البارى (يرد المصلى من مر بين يديه) وص 224 ج 4 - نووى. وص 93 ج 5 - المنهل العذب. والمراد بالمقاتلة الدفع بالأشد، ففى رواية البخارى: فإن أبى فليجعل يده فى صدره وليدفعه (فإنما هو شيطان) أى يفعل فعل الشيطان، وإطلاق الشيطان على المخالف شائع فى القرآن والسنة.

الصفحة 331