كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 2)

(وحديث) عقبة بن عامر قال: " أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوِّذات دبر كل صلاة" أخرجه أحمد والثلاثة (¬1). {493}
¬_________
= إلا بإذنه؟ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء، وسع كرسيه السموات والأرض ولا يئوده حفظهما، وهو العلى العظيم) وهى أعظم آية فى القرآن، لاشتمالها عل أمهات المسائل الدالة على ثبوت الكمال لله تعالى ونفى انقص عنه، وعلى توحيده وتعظيمه وذكر أسمائه وصفاته، فقد ذكر فى سبعة عشر موضعاً منها اسم الله تعالى ظاهرا ومضمرا، ودلت على أنه منفرد بالإلهية حى واجب الوجود لذاته، موجد لغيره، منزه عن التحيز والحلو، مبرأ عن التغير والفتور، مالك الملك والملكوت، ذو البطش الشديد، العالم بجلى الأمور وخفيها كليها وجزئيها، واسع الملك تام القدرة، متعال عن كل مالا يليق به، عظيم لا تصل العقول والأفكار لكنه ذاته وصفاته فقوله (الله) إشارة إلى ذات الله وجلاله و (القيوم) القائم بنفسه ولا يقوم به غيره القائم بتدبير الكون وما فيه (لا تأخذه سنة ولا نوم) السنة النعاس، وفيه تنزيه وتقديس لله تعالى عن صفات الحوادث. و (له ما فى السموات وما فى الأرض) دليل لما قبله وإشارة إلى وحدانية الأفعال. وأن الأفعال كلها منه وإليه. و (من ذا الذى) أى لا أحد (يشفع عنده إلا بإذنه) إشارة إلى انفراده بالملك والحكم .. وأنه لا يملك الشفاعة عنده فى أمر من الأمور إلا من أذن له فيها (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) أى من أمر الدنيا والآخرة (ولا يحيطون بشئ من علمه) أى لا يعلمون شيئا من معلوماته (إلا بما شاء) أن يعلمهم به. وهو إشارة إلى صفة العلم وأنه متفرد به حتى إنه لا علم لغيره إلا ما أعطاه ووهبه بمشيئته وإرادته (وسع كرسيه السموات والأرض) أى أحاط علمه بهما، فالمراد بالكرسى العلم، ومنه الكراسة لتضمنها العلم. والكراسى العلماء، وسمى العلم كرسيا تسمية له بمكانه الذى هو كرسى العالم، وفيه إشارة إلى عظم ملكه وكمال قدرته (ولا يئوده حفظهما) أى لا يثقله تدبير شأن السموات والأرض وما فيهما، وهو إشارة إلى صفة العزة وكمالها وتنزيهه عن الضعف والنقص (وهو العلى العظيم) أى المنزه عن صفات الحوادث المتصف بالكبرياء والعظمة. وفيه إشارة إلى أصلين عظيمين فى الصفات. إذا تأملت هذا لا تجد آية غيرها جمعت كل هذه المعانى
(¬1) ص 70 ج 4 - الفتح الربانى. وص 186 ج 8 - المنهل العذب (الاستغفار). وص 196 ج 1 - مجتبى (قراءة المعوذات بعد الصلاة) والمعوّذات. بكسر الواو =

الصفحة 336