كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 2)

(وحديث) أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " مَن سبّح الله دبُر كلِّ صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمِد الله ثلاثا وثلاثين، وكبّر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسع وتسعون ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير غفرت خطاياه وإن كانت مِثلَ زبَد البحر " أخرجه أحمد ومسلم (¬1) {494}
¬_________
= المشددة معوذة. أى محصنة، والمرادسورتا الفلق والناس والجمع باعتبار أن ما يتعوذ مه كثيرا فيهما. وقد كان انبى صلى الله عليه وسلم يتعوذ فى الشدائد ويأمر أصحابه بذلك لاشتمالهما على جوامع المستعاذ به والمستعاذ منه " أما الأول " فلأن الافتتاح برب الفلق مؤذن بطلب فيض ربانى يزيل كل ظلمة فى الاعتقاد أو العمل، لأن الفلق الصبح.
وهو وقت فيضان الأنوار ونزول البركات وقسم الأرزاق. وذلك مناسب للمستعاذ به وهو الرب تعالى " وأما الثانى " فلأنه فى السورة الأولى ابتدأ فى ذكر المستعاذ منه " بالعام " وهو شر كل مخلوق حى أو جماد فيه شر فى البدن أو المال أو الدنيا أو الدين " ثم بالخاص " وهو الغاسق أى الظلمة الشديدة، اعتناء به لخفاء الضرر فيه إذ قد يلحق الإنسان من حيث لا يعلم. ثم ذكر نفث الساحرات فى عقدهن الموجب لسريان شرهن فى الروح على أبلغ وجه وأخفاه. فهو أدق من الأول. ثم ذكر شر الحاسد فى وقت التهاب نار جسده، لأنه حينئذ يسعى فى إيصال أدق المكايد المذهبة للنفس والدين، فهو أدق وأعظم من الثانى. وفى السورة الثانية خص شر الموسوس فى الصدور من الجنة والناس، لأن شره حينئذ يعادل = تلك الشرور بأسرها، لأنها إذا كانت فى صدر المستعيذ ينشأ عنها كل كفر وبدعة وضلالة، ومن ثم زاد التأكيد والمبالغة فى جانب المستعاذ به إيذانا بعظمة المستعاذ منه، وكأنه قيل: أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بمن رباهم بنعمه وملكهم بقهره وقته، وهو إلههم ومعبودهم الذى يستعيذون به من شياطين الإنس والجن، ويعتقدون أن لا ملجأ لهم إلا إليه، وختم به لأنه مختص به بخلاف الأولين، فإنهما قد يطلقان على غيره
(¬1) ص 57 ج 4 - الفتح الربانى. وص 95 ج 5 - نووى (استحباب الذكر بعد الصلاة) ولفظ (صلاة) يشمل الفرض والنفل ولكن حمله العلماء على الفرض لما فى حديث كعب بن عجرة عند مسلم من التقييد بالمكتوبة (والزبد) بفتحتين الرغوة تعلو الماء عند تلاطم الأمواج.

الصفحة 337