كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 2)

وفى هذا دلالة على أنّ الذكر يتضاعف ويتعدّد بتعدّد ما أحال الذاكر على عدده وإن لم يتكرر الذكر فى نفسه، فيحصل مثلا لمن قال مرة واحدة: سبحان الله عدد كل شئ من التسبيح ما لا يحصل لمن كرر التسبيح ليالى وأياما بدون الإحالة على عدد. وهذا مما يشكل على القائلين إن الثواب على قدر المشقة المنكرين للتفضيل الثابت بصريح الأدلة (وقد) أجابوا عن هذا الحديث ونحوه كقوله صلى الله عليه وسلم: " من فطِّر صائما كان له مثل اجره ". و " من عزِّى مصابا كان له مثل أجره " بأجوبة " متعسفة متكلفة (¬1) (وفيه) دلالة على جواز عدّ الذكر بالنوى والحصى. وكذا بالسبحة إذ لا فارق، لتقريره صلى الله عليه وسلم إياه وعدم إنكاره. وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: " نعم المذكّرُ السُبحة " أخرجه الدليمى فى مسند الفردوس عن علىّ (¬2) {502}
(وعن) أ [ى سعيد الخدرى أنه كان يسبح بالحصى (وعن) أبى هريرة أنه كان معه كيس فيه حصى أو نوى فيسبح به حتى ينفدّ. أخرجهما ابن أبى شيبة (¬3). وقد ذكر السيوطى آثاراً أخرى فى رسالة " المنحة فى السبحة " ثم قال: ولم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف المنع من جواز عدّ الذكر بالسُّبحة بل كان أكثرهم يعدونه بها ولا يرون ذلك مكروها (¬4).
ومحل جواز اتخاذ السبحة للذكر ما لم يترتب عليه رياء أو سمعة وإلا منع، كا يمنع وضعها فى العنق كما يفعله بعض الجهلة، ووضعها فى اليد وإدارتها
¬_________
(¬1) ص 359 ج 2 - نيل الأوطار (عقد التسبيح باليد ... ).
(¬2) ص 141 ج 2 - الحاوى للفتاوى (المنحة فى السبحة).
(¬3) ص 141 منه.
(¬4) ص 143 منه.

الصفحة 342