كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 2)

والحاصل " أن رفع اليدين " فى الدعاء أى دعاء كان، وفى أى وقت كان بعد الصلوات الخمس أو غيرها "أدب" من أحسن الآداب، دلت عيه الأحاديث عموما وخصوصا ولا يضر ثبوت هذا الأدب عدم رواية الرفع فى الدعاء بعد الصلاة، لأنه كان معلوما لجميعهم فلم يعنوا بذكره فى هذا الحين. وإنكار الحفاظ ابن القيم رفع اليدين فى الدعاء بعد الصلوات وهم منه (قال) القسطلانى: الصحيح استحباب الرفع فى سائر الأدعية. رواه الشيخان وغيرهما (وحديث) أسن فى الصحيحين لا يرفع إلا فى الاستسقاء " مؤول " على أنه لا يرفعهما رفعاً بليغا. وورد رفع يديه عليه الصلاة والسلام فى مواضع كرفع يديه حتى رؤى غُفْره إبطيه حين استعمل ابن اللُّتْبية (¬1) على الصدقة كما فى الصحيحين. ورفعهما أيضاً فى قصة خالد بن الوليد قائلا: اللهم إنى أبرا إليك مما صنع خالد. رواه البخارى والنسائى. ورفعهما عى الصفا. رواه مسلم وأبو داود. ورفعهما ثلاثاً بالبقيع مستغفراً لأهله. رواه البخار فى رفع اليدين ومسلم. وحين تلا قوله تعالى: {إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ} قائلا: اللهم أمتى أمتى. وراه مسلم. ولما بعث جيشاً فيهم على قائلا: اللهم لا تُمِتنْى حتى تَرِينى عليا. رواه الترمذى. ولما جمع أهل بيته وألقى عليهم الكساء قائلا: اللهم هؤلاء أهل بيتى. رواه الحاكم وقد جمع النووى فى شرح المهذب نحواً من ثلاثين حديثا فى ذلك من الصحيحين وغيرهما (¬2)
ثم قال: والحاصل استحباب الرفع فى كل دعاء إلا ما جاء مقيداً بما يقتضى عدمه
¬_________
(¬1) العفرة كغرفة بياض غير خالص. وابن اللتبية: بلام مضمومة وتاء ساكنة وباء مكسورة وياء مشددة نسبة إلى لتب حى من أزد، واسمه عبد الله.
(¬2) ص 240 ج 2 - إرشاد السارى. شرح صحيح البخارى (رفع الناس أيديهم مع الإمام فى الاستسقاء) ..

الصفحة 352