كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

أو الركوع أو القعود الأخير، ليدرك فضل الجماعة، لما فيه من التعاون على البر والتقوى. وهذا إن سوىّ بين المأمومين فى ذلك وقصد به التقرب إلى الله تعالى، واتسع الوقت ولم يبالغ فى الانتظار بما يشقُّ على المؤمنين، أما إن انتظره تودداً إليه، أو حَياء منه، فهو مكروه تحريماً عند أكثر العلماء " قال " الكاسانى: ثم الإمام إذا كان فى الركوع فسمع خفق النعل ممن دخل المسجد هل ينتظره؟ قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة وابنَ أبى ليلى عن ذلك فكرهاه. وقال أبو حنيفة: أخشى عليه أمراً عظيماً يعنى الشرك (¬1) وروى هشام عن محمد أنه كره ذلك. وقال الشافعى لا بأس به مقدار تسبيحة أو تسبيحتين. وقال أبو القاسم الصفار: إن كان الرجل غنياً لا ينتظره وإن كان فقيراً يجوز. وقال الفقيه أبو الليث: إن كان الإمام قد عرف الجائى فلا ينتظره لأنه يشبه الميل وإن لم يعرفه فلا بأس به، لأن ذلك إعانه على الطاعة (¬2) (وقال) ملاّ على القارى: والمذهب عندنا أن الإمام لو أطال الركوع لإدراك الجائى لا تقرباً بالركوع لله، فهو مكروه تحريماً ويخشى عليه منه أمر عظيم لكن لا يكفر به لأنه لم ينوِ به عبادة غير الله (¬3) (وقال) الجرانى فى فتح العلام: ويكره الانتظار فى غير الركوع والتشهد
الأخير، لعدم الفائدة، كما يكره فيهما عند فقد شرط مما مرّ. ويحرم عند ضيق الوقت ولقصد التودد (¬4).
¬_________
(¬1) فهم بعضهم من كلام الإمام أنه يصير مشركاً فأفتى بإباحة دمه وليس كذلك وإنما أراد الشرك فى العمل لأن أول الركوع كان لله تعالى وآخره للمجائى فلا يكفر لأنه لم يرد التذلل والعبادة له.
(¬2) ص 209 ج 1 بدائع الصنائع (سنن الصلاة).
(¬3) ص 96 ج 2 مرقاة المفاتيح (ما على الإمام).
(¬4) وأهم شروط ندب الانتظار عند الشافعية سبعة (الأول) ألا تكون الجماعة مكروهة كمقضية خلف مؤداة (الثانى) ألا يخاف خروج الوقت فى الجمعة مطلقاً، وفى غيرها إن شرع فيها ولم يبق من وقتها ما يسعها كلها. (الثالث) ألا يبالغ فى الانتظار بأن يطوله تطويلا لو وزع على أركان الصلاة لعد كل منها طويلا عرفاً. (الرابع) ألا يميز بين الداخلين. (الخامس) أن يكون الانتظار لله. (السادس) أن يظن أنه أتى بالإحرام من قيام. فلو كانت عادته الركوع قبل تمام التكبيرة كما يفعله كثير من الجهلة لم ينتظره. (السابع) ألا يعتاد البطء فى المشى أو تأخير الإحرام إلى الركوع. وتمامه فى فتح العلام.

الصفحة 109