كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

فلم يقل به إلا الشافعى، وكأنهم حملوا ما روى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قنت فى الظهر والعشاء والمغرب على النسخ، لعدم ورود المواظبة والتكرار الواردين فى الفجر (¬1) (وقال ابن قدامة): فإن نزل بالمسلمين نازلة فللإمام أن يقنت فى صلاة الصبح ويؤمن مَنْ خلفه. وبهذا قال أبو حنيفة والثورى لما ذكرنا أن النبى صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو على حىّ من أحياء العرب ثم تركه، وأن علياً قنت فقال: إنما استنصرنا على عدوّنا هذا. ولا يقنت آحاد الناس. ويقول فى قنوته نحواً مما قال النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم قال: ولا يُقنت فى غير الصبح من الفرائض. قال عبد الله عن أبيه: كلُّ شئ يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم فى القنوت إنما هو فى الفجر، ولا يقنت فى الصلاة إلا فى الوتر والغداة إذا كان مستنصراً يدعو للمسلمين. (وقال) أبو الخطاب: يقنت فى الفجر والمغرب، لأنهما صلاتا جهر فى طرفى النهار. (وقيل) يقنت فى صلاة الجهر كلها قياساً على الفجر، ولا يصح هذا. لأنه لم ينقل عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه القنوت فى غير الفجر والوتر (¬2). ويرده ما تقدم عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قنت شهراً فى الصلوات الخمس يدعو على أحياءٍ من العرب (¬3). ولا دليل على النسخ.
(قال) الكمال بن الهمام: يجبّ أن يكون بقاء القنوت فى النوازل مجتهداً فيه، لأنه لم ينقل عنه من قوله صلى الله عليه وسلم إلا قنوت فى نازلة بعد هذه، بل مجرد العدم بعدها، فيتجه الاجتهاد أن ذلك إنما هو لعدم وقوع نازلة بعدها يستدعى القنوت، فتكون شرعيته مستمرة، وهو محمل قنوت
¬_________
(¬1) ص 420 غنية المتملى شرح منية المصلى (الوتر).
(¬2) ص 792 ج 1 مغنى.
(¬3) تقدم رقم 45 ص 26.

الصفحة 28