كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

ولو كانت فرض كفاية لسقط بفعله صلى الله عليه وسلم ومن معه. ولو كانت سنة ماَهمّ بقتلهم، لأن تارك السنة لا يقتل. فتعين أن تكون فرضاً على الأعيان " ولا يقال " إذا كانت الجماعة واجبة عيناً فكيف يجوز أن يتخلف عناه صلى الله عليه وسلم " لأن تخلفه " كان لتكميل أمر الجماعة فكأنه حاضرها.
وهؤلاء اختلفوا، أهى شرط فى صحة الصلاة أم لا؟ فقال بشرطيتها داود وابن حزم قال: ولا تجزرئ صلاة فرض أحداً من الرجال - إذا كان بحيث يسمع الأذان - أن يصليها إلا فى المسجد مع الإمام. فإن تعمد ترك ذلك بغير عذر بطلت صلاته. وإن كان بحيث لا يسمع أذاناً ففرض عليه أن يصلى فى جماعة مع واحد إليه فصاعداً، فإن لم يفعل فلا صلاة له إلا ألا يجد أحداً يصليها معه فيجزئه حينئذ، وإلا من له عذر فيجزئه حينئذ التخلف عن الجماعة (¬1).
(وقال) بعض الشافعية والمالكية: إنها فرض كفاية وهو اختيار الطحاوى والكرخى من الحنفيين. ولكن خصه الشافعية بالصلاة المؤداة بخلاف المقضية فالجماعة فيها مستحبة إذا اتفق الإمام والمأموم فيها كأن يفوتهما ظهر. واستدلوا بأدلة القائلين بالوجوب العينى " وصرفها " من فرض العين إلى فرض الكفاية " حديث " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة (¬2) فإنه يفيد صحة صلاة المنفرد الوجوب المستفاد منها وجوباً كفائياً.
(والظاهر) ما ذهب إليه الجمهور من القول بالسنية، لما فيه من الجمع بين الأدلة وعدم إهمال بعضها. فأعدل الأقوال وأقربها إلى الصواب أن الجماعة من السنن المؤكدة التى يخل بملازمتها ما أمكن إلا محروم مشئوم. وأما أنها فرض عين أو كفاية أو شرط لصحة الصلاة فلا (¬3).
¬_________
(¬1) ص 188 ج 4 - المحلى (المسألة 485).
(¬2) تقدم رقم 54 ص 33 (الجماعة).
(¬3) ص 138 ج 3 نيل الأوطار (صلاة الجماعة).

الصفحة 37