كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

وعلى فرض ثبوته فالمراد من النفى نفى الكمال والفضيلة. فإن الأخبار الصحيحة صريحة فى أن الصلاة فى غير المساجد صحيحة.
هذا. ويكثر فضل الجماعة ويتزايد ثوابها بأمور أربعة:
(الأول) كثرة العدد: فكلما كثر عدد المصلين فيها زاد الثواب " لقول " أبىّ بن كعب: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً الصبحَ فقال: أشاهدٌ فلان؟ قالوا لا. قال: أشهد فلان؟ قالوا لا. قال: إن هاتين الصلاتين أثقل الصلواتِ على المنافقين. ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حَبواً على الركب. وإن الصف الأولَ على مِثْلَ صفِّ الملائكة ولو علمتم ما فى فضيلته لا بتدر تموه. وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاتُه مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل. وما كثر فهو أحب إلى الله عز وجل. أخرجه أحمد وأبو داود والنسائى والبيهقى، وابن حبان وابن خزيمة فى صحيحهما، وصححه ابن السكن والعقيلى والحاكم وابن معين (¬1). . {76}
ففيه دليل على أن الصلاة فى المسجد الذى يكثر جمعه أفضل. ويستثنى منه مسألتان.
¬_________
(¬1) ص 170 ج 5 الفتح الربانى. وص 244 ج 4 - المنهل العذب (فضل صلاة الجماعة) وص 135 ج 1 مجتبى (الجماعة إذا كانوا اثنين) وص 61 ج 3 - السنن الكبرى (فضل صلاة الجماعة) والرماد (بهاتين الصلاتين) صلاة الصبح وصلاة العشاء. كما فى البيهقى. وهو يدل على أن الصلاة كلها ثقيلة على المنافقين. قال تعالى " ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى " وأثقلها عليهم الصبح والعشاء لأنهما مظنة التهاون والتكاسل، فإنهما يؤديان فى وقت غفلة لا ينتهض لله عز وجل فيهما من فراشه ويترك لذيذ نومه إلا مؤمن تقىّ، ولأنهما يؤديان فى ظلمة الليل وداعى الرياء الذى يصلى لأجله المنافقون، منتف لعدم مشاهدة من يراءونه من الناس إلا القليل، وليس لهم داع دينى يبعثهم ويسهل عليهم الإتيان لهما فانتفى عنهم الباعث الدينى والدنيوى. و (على مثل صف الملائكة) أى أن الصف الأول فى إتمامه واعتدال ونزول الرحمة على أهله كصف الملائكة يصطفون لعبادة الله تعالى، أو أن أهل الصف الأول فى القرب من رحمة الله وبعد الشيطان عنهم، لهم فضل وأحر مثل فضل وأجر الملائكة. و (أزكى) اى أكثر ثواباً وأبلغ فى تكفير الذنوب .. و (ما كثر الخ) أى والصلاة التى كثر فيها المصلون أكثر ثواباً (ومحبه الله) كناية عن الرحمة والإحسان.

الصفحة 48