كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

أخرجه أبو داود والحاكم وصححه (¬1). {81}
وهو يدل على أفضلية الصلاة فى الفلاة مع تمام الركوع والسجود وأنها تعدل خمسين صلاة فى جماعة. وعليه فالصلاة فى الفلاة تعدل خمسين ومائتين وألف صلاة فى غير جماعة. وهذا على فرض أن المصلى فى الفلاة صلى منفرداً فإن صلى فى جماعة تضاعف العدد المذكور بحسب تضاعف صلاة الجماعة على الانفراد. وفضل الله واسع (وقد ورد) فى فضل الصلاة فى الصحراء أحاديث أخَر "كحديث" عقبة بن عامر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يعَجْب ربك من راعى غنم فى رأس شَظِيَّةٍ بجبل يؤذن بالصلاة ويصلى فيقولُ الله عز وجل: انظروا إلى عبدى هذا يُؤذّن ويقيم الصلاةَ يخاف منى قد غفرت لعبدى وأدخلته الجنة. أخرجه أبو داود والنسائى (¬2). {82}
(والحكمة) فى اختصاص صلاة الفلاة بهذه المزّية أن المصلىَ فيها يكون فى الغالب مسافراً. والسفر مظِنَّة المشقة فإذا صلاها المسافر مع حصول المشقة تضاعفت إلى ذلك المقدار. وأيضاً الفلاة فى الغالب من مواطن الخوف والفزع لما جبلت عليه الطباع البشرية من التوحّش عند مفارقة النوع الإنسانى، فالإقبال مع ذلك على الصلاة أمر لا يناله إلا من بلغ فى التقوى إلى حد يقصر عنه كثير من أهل الإقبال والقبول. وأيضاً فى مثل هذا الموطن تنقطع الوساوس التى تقود إلى الرياء فإيقاع الصلاة فيها شأن أهل الإخلاص (ومن) ها هنا كانت صلاة الرجل فى البيت المظلم الذى
¬_________
(¬1) ص 255 ج 4 - المنهل العذب (فضل المشى إلى الصلاة) وص 208 ج 1 مستدرك (فإذا صلاها فى فلاة) أى إذا صلى الصلاة المعلومة من السياق وهى الصلاة فى جماعة كما قال ابن رسلان.
(¬2) ص 56 ج 7 - المنهل العذب (الأذان فى السفر) وص 108 ج مجتبى (الأذان لمن يصلى وحده) و (شظية) بفتح الشين وكسر الظاء وشد الياء، أى قطعة مرتفعة فى رأس الجبل.

الصفحة 51