كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

تفسد. وسبب اختلافهم هل صحة انعقاد صلاة المأموم مرتبطة بصحة صلاة الإمام أم ليست بمرتبطة؟ فمن لم يرها مرتبطة " كالشافعى وأحمد " قال: صلاتهم جائزة. ومن رآها مرتبطة "كالحنفيين" قال صلاتهم فاسدة. ومن فرّق بين السهو والعمد قصد إلى ظاهر حديث أبى بكر أن النبى صلى الله عليه وسلم استفتح الصلاة فكبر ثم أومأ إليهم أنْ مكانَكم ثم دخل فخرج ورأسه يقطرُ فصلى بهم. فلما قضى الصلاة قال: إنما أنا بشِر وإنى كنت جنباً. أخرجه أبو داود وأحمد. وهذا لفظه (¬1). {93}
فإن ظاهره أنهم بنوا على صلاتهم والشافعى يرى أنه لو كانت الصلاة مرتبطة للزم أن يبدءوا بالصلاة مرة ثانية (¬2).
(أ) بأن هذا الحديث مختلف فى وصله وإرساله فلا يحتج به.
(ب) بأن قوله فيه: فكبر يعارضه حديث أبى هريرة قال: أقيمت الصلاة فسوى الناس صفوفهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم وهو جنب فقال: على مكانِكم فرجع فاغتسل ثم خرج ورأسه يقطر ماء فصلى بهم. أخرجه البخارى وأبو داود (¬3). {94}
فهذا الحديث صريح فى أنه صلى الله عليه وسلم انصرف قبل أن يكبر وهو أصح فهو مقدم. والظاهر القول بصحة صلاة المأموم الذى تبين فساد صلاة إمامه لنسيان الحدث. وهو مذهب مالك والشافعى وأحمد "وأجابوا" " أولا " عن حديث أبى جابر البياضى بأنه ضعيف لا يحتج به، وعلى فرض ثبوته فهو محمول على غير نسيان الحدث " وثانياً " عن حديث: الإمام ضامن
¬_________
(¬1) ص 315 ج 2 - المنهل (الجنب يصلى بالقوم وهو ناس) وص 252 ج 5 الفتح الربانى.
(¬2) ص 122 ج 1 بداية المجتهد (الفصل السابع) فيما إذا فسدت صلاة الإمام هل يتعدى الفساد إلى المأمومين؟
(¬3) ص 83 ج 2 فتح البارى (إذا قال الإمام مكانكم) وص 321 ج 2 المنهل العذب (الجنب يصلى بالقوم وهو ناس).

الصفحة 61