كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

خلف الإمام أو فوق سطح يأتم به: لا بأس بذلك. أفاده الحافظ (¬1).
وفى المسألة تفصيل للفقهاء. فعند الحنفيين المالكية: العبرة بمعرفة انتقالات الإمام برؤية أو غيرها، لا فرق فى ذلك بين سجد وغيره، غير أن المالكية يشترطون فى الجمعة أن تكون فى المسجد، ويلحق به رحبته والطرق الموصلة إليه. فلو اقتدى فيها من لم يكن بالمسجد بمن فى المسجد لا تصح.
(والحنفيون) يشترطون ألاّ يفصل بين الإمام والمأموم والمأموم طريق تمر فيه العجلة أو نهر يمر فيه الزورق. فلو اقتدى من كان بمنزله بمن فى المسجد صح إن لم يوجد مانع من نحو طريق ونهر ولم يشتبه عليه حال الإمام، وإلا لا تصح صلاة المأموم " لقول " عمر رضى الله عنه فى الرجل يصلى بصلاة الإمام: إذا كان بينهما نهر أو طريق أو جدار فلا يأتم به. أخرجه ابن أبى شيبة فى مصنّفه وعبد الرزاق فى جامعه. {33}
(وقالت) الشافعية والحنبلية: إن كان المأموم والإمام فى المسجد وحالت بينهما أبنية صحت الصلاة إن علم المأموم بانتقالات الإمام وإن بعدت المسافة بينهما. وإن كانا خارج المسجد أو كان الإمام فيه والمأموم خارجه صحت القدوة عند الحنبلية إن رأى المأموم الإمام أو مَن خلفه ولو كانت الرؤية من نافذة أو زادت المسافة بينها على ثلثمائة ذراع. وعند الشافعية إن كانت الصلاة بغير المسجد يشترط ألا يزيد ما بين الإمام والمأموم وبين كل صف وآخر على ثلثمائة ذراع. وألاّ يكون بينهما حائل يمنع المرور والرؤية اتفاقاً، أو يمنع أحدهما على الأصح. ويُغفر الشارع المطروق والنهر ولو احتاج إلى سباحة.
والظاهر ما ذهب إليه الأولون من أن المدار على ضبط المأموم أحوال الإمام، ولا دليل على ما ذكر من اعتبار الأذرع (¬2).
¬_________
(¬1) ص 145 ج 2 فتح البارى (الشرح).
(¬2) تنبيه: علم مما ذكر فى الشرط الثالث من شروط الاقتداء أنه لا تصح صلاة الجمعة فى غير المسجد من الأماكن التى يصل إليها صوت = الخطيب بوساطة المذياع " الراديو " لأن المؤتم العالم بانتقالات الإمام بوساطة المذياع ل يخلو، إما أن يكون متقدماً على الإمام أو متأخراً عنه. فإن كان متقدماً فصلاته باطلة عند غير المالكية لتقدمه على إمامه، ولوجود الحائل الذى يمنع من الوصول للإمام ورؤيته أو رؤية من خلفه عند الشافعية والحنبلية، وباطلة عند المالكية لأنها لا تصح فى غير المسجد عندهم. وإن كان المأموم متأخراً عن الإمام فصلاته باطلة عند الحنفية للفصل بين الإمام والمأموم بالطريق التى تسير فيها المجلات، وعند الشافعية والحنبلية لوجود الحائل المانع من الوصول إلى الإمام ورؤيته أو رؤية من خلفه، وعند المالكية لتأديتها فى غير المسجد وهو شروط فى صحتها عندهم.

الصفحة 68